نتائج الانتخابات الرئاسية التوافقية كانت بمثابة رسالة شعبية ناجزة لصالح التغيير، ومغادرة الماضي السلبي غير مأسوف عليه. وقد سارت الانتخابات التوافقية الرئاسية بصورة إيجابية حصراً، وكانت النتوءات الصغيرة التي برزت هنا وهناك في محافظات تصفية الحسابات البالية بمثابة بقع صغيرة داكنة كادت أن تفسد ملحمة الوئام الوطني العام، ولكنها لم تغير من المجرى الرئيسي للوحدة الوطنية التوّاقة لتحقيق الأهداف المرجوة ضمن معادلة التغيير وآليات الدولة العصرية الحديثة ذات النفس الاتحادي الفدرالي التي يُجمع عليها فرقاء الحكمة السياسية والمجتمعية. كما أن انعقاد المؤتمر الوطني العام يمثل محطة مرصودة في إطار الأولويات المُلحة، وكذا إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية على قاعدة التناسب مع مرئيات المرحلة الانتقالية التي تُفضي لوحدة أداة الدولة العسكرية والأمنية من جهة، وكذا تحرير هذه الأداة الاستراتيجية الكبرى من ربقة الولاءات القبائلية والفئوية والأُسرية، والشاهد على محنة المؤسستين العسكرية والأمنية أنهما عانتا الأمرّين من أعباء العوائل التي تتوارث الدراسات العسكرية والمناصب المترافقة معها، كما لو أنها صممت خصيصاً لهم. كما عانت وزارة الداخلية على مدى عقود المتاهات مما يُسمى ميزانية شؤون القبائل التي لا تقل بحال من الأحوال عن ميزانية الوزارة المؤسسية، كما عرفت من البعض، والذمة على الرواة. هذا الوضع في التعامل غير المسؤول مع المال العام يستحق التفاتة عاجلة من قبل الدولة، ولا بأس من اعتماد نظام شامل للحماية الاجتماعية يستهدف كل الفئات والشرائح المُعسرة مالياً في المجتمع، ويجعل الجميع يستشعرون أنهم أمام دولة حق وواجب لا تكيل بمكيالين، بل تُعامل الجميع على قدم المساواة. المهام التي تنتصب أمام رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكامل الإطارت البرلمانية والحكومية مهام كبيرة وجسيمة دونها خرق القتاد. [email protected]