في المشهد اليمني يعاد تصدير ذات الشخصيات التي كانت جزءاً من المشكلة القائمة في البلاد , الحالة الجنوبية نموذج على ذلك , يتم إعادة ذات الشخصيات التي كانت أساساً في المشكلة على أنها هي الحل لهذه المشكلة , رغم أن هذه الشخصيات لم تقدم مشروع الدولة أو المشروع الجماعي بقدر ما تقدم مشروعها الخاص بها . يتم رفع صور علي سالم البيض ضمن قناعة أنه الرجل المخلص أو المنقذ رغم أنه كان سبباً مباشراً في الإشكالية التي يعانيها الآن الجنوب ومثله يتم التعويل على مقابلات وخطابات حيدر العطاس أو أي شخصية جنوبية مارست العمل السياسي في السابق سواءً في الداخل أو الخارج , رغم أنها كانت شريكاً أساسياً في العبث الذي طال الجنوب مثلما كان نظام علي صالح أساساً لها , ويتم تجاهل ذلك كله في مقابل بروز خطاب عاطفي يدغدغ مشاعر الشريحة الأعم في الجنوب لتكون رافداً لنجاح المشروع الفردي الذي تحمله القيادات . في كل الأحوال لا يتم التعويل على وعي العامة من الناس لتبني مشروع خاص بها ذات رؤية محددة الأهداف وبصيغة وطنية كحامل أساسي للقضية في مقابل التخلص من حالة التشرذم والخلاف الحاصل , وبالتالي يتم استغلال حالة اللاوعي بين العوام من الناس لتبرز هذه الشخصيات التي كان لها وزنها السياسي في السابق على أساس أنها حاضنة لتجارب سياسية سابقة تمكنها من تبني القضية في اللحظة الراهنة , رغم أنها فشلت سابقاً ولم تقدم حلاً مستقبلياً للمشكلة التي تريد أن تستعيد نشاطها أو مراكز سلطتها من خلالها الآن . إن عجز القضية أياً كانت من تبني مطالبها بشروطها التي تناسبها كمنظومة متكاملة ينتج بؤر وكيانات مشتتة تنتج صراعات فيما بينها وتخفت حدة مطالب القضية الأم في مقابل ظهور المطالب الأصغر للمجموعات الأصغر . يبدو علي سالم البيض كرجل غير عاقل لم يتعلم من تجارب الماضي هو الصوت الأعلى لمطالب لا تبدو أنها ستحل المشكلة بقدر ما ستعيد خلق مشكلة أكبر سيكون ضررها الأكبر على الوطن ككل والجنوب تحديداً , فالرجل الذي يملك قناة «عدن لايف» ويعتمد عليها في إعادة تسويق شخصيته كرجل مهم للمرحلة القادمة لم يقدم حتى الآن رؤية واضحة لقضيته سوى بروز خطاب تحريضي ضد كل ما هو شمالي لخوفه من مواجهة غريمه السابق علي صالح الذي أطاح بسلطته في حرب صيف 94م أو عملاً بالمثل القائل «فجعه بالموت يرضى بالحمى» وبالتالي يصبح كل ما هو شمالي في الجنوب عنصراً من عناصر المشكلة الأساسية , متجاهلاً أن أبناء الشمال يمثلون رقماً أساسياً في التركيبة السكانية للجنوب منذ حكم بريطانيالعدن , وبالتالي لم يقدم مشروع علي سالم البيض أو مشروع فك الإرتباط حتى الآن رؤية واضحة لمعالجة هذه المشكلة سوى تعالي أصوات غير عاقلة تنادي بجرف كل ما هو شمالي من الجنوب , فهل سيكون هذا حلاً للمشكلة؟.