يبدو أن البعض قد جمد عقله تماماً وترك الفرصة لغيره يفكر له، وقبل على نفسه أن يكون مجرد آلة تردد ما يسجله الآخرون فيها، وهذا البعض الذي لايقرأ ولايفكر ولايتأمل ولايعتبر وهو إنسان خلقه الله سبحانه وتعالى بكامل الحواس وفي أحسن صورة ورغم ذلك قبل على نفسه أن يكون آلة يتحرك من الغير لخدمة الغير فقط. أدهشني كثيراً الحضور الكبير في حفل نقل السلطة يوم الاثنين الموافق 27/2/2012م في دار رئاسة الجمهورية اليمنية حيث وجدت العقول المستنيرة التي خاضت غمار الحياة بمرها وحلوها، وكان لذلك الحضور المهيب معانٍ ودلالات إنسانية وحضارية بالغة الأهمية لايدركها إلا الذين جعلوا مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات، والذين لديهم الاستعداد المطلق من أجل المزيد من التضحية من أجل يمنٍ آمن ومستقر وموحد، ولايدركها إلا الذين يؤمنون بالديمقراطية الشوروية ومبادئها الدينية والإنسانية التي تعزز مبدأ التداول السلمي للسلطة، ولايدركها كذلك إلا من يؤمن بحق الشعب في امتلاك السلطة. إن ارساء ذلك التقليد الحضاري الإنساني عمل وطني وديني وإنساني سيخلده التاريخ بأحرف من نور، لأن ذلك الفعل الإنساني الكبير يدل على العقلية المستنيرة التي غلبت مصالح الوطن على المصالح الذاتية والأهواء وعلّمت الشعب أن أي رئيس لايأتي عبر صناديق الاقتراع لن يرسي تقاليد ولايحقق أمناً واستقراراً على الاطلاق، ولذلك فإن ماحدث يوم الاثنين 27فبراير 2012م من احتفال بهيج ومهيب لتوديع الرئيس السابق والترحيب بالرئيس الجديد كان مثالاً رائعاً يقتدى به ويعتز به كل إنسان حر يؤمن بالتداول السلمي للسلطة وبحق الشعب في امتلاك السلطة. إن على الذين مازال يراودهم وهم الطموحات الغوغائية والفوضى العارمة التي يريدونها أن تقود إلى استعباد الشعب واغتصاب إرادته وفرض منطق الفوضى أن يراجعوا حساباتهم وأن يدركوا بأن إرساء التقاليد الديمقراطية الشوروية والإنسانية لايأتي بها إلا العظماء من أبناء الأمة الذين طلقوا المصالح الذاتية والأهواء العدوانية واعتصموا بحبل الله المتين, أما الذين يراهنون على الاستقواء بالشيطان لفرض أهوائهم الذاتية والفئوية والجهوية والمناطقية والعنصرية فإنهم ورهاناتهم خاسرون لأن الشعب قد حدد الطريق للوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع, وبات من الواجب الاعتراف بالوفاء لأهل الوفاء الذين رسخوا قيم الديمقراطية فألف تحية للرئيس السابق علي عبدالله صالح وألف تهنئة للرئيس الجديد عبدربه منصور هادي وإلى مستقبل أفضل بإذن الله.