“أجمل الأيام هي تلك التي لم نعشها بعد/ أجمل البحار هي تلك التي لم نرها بعد/ وأجمل الأطفال هم الذين لم يولدوا بعد”. للشاعر التركي ناظم حكمت: إننا بأشد الحاجة إلى حواروطني حقيقي يلبي مطالب وطموحات الشعب اليمني . مخالفا ومختلفا عن النمطية التقليدية المكرسة لاعادة إنتاج الماضي بصيغٍ متجددة . وتجاوز مشروع الوصاية والارتهان بقوى جديدة هي إمتداد لثورة مضادة تمثل تحديا متجددا أمام الرغبة في بناء الدولة المدنية الحديثة . فإن قوى النشاز السياسي وهي جزء من المشكلة و صناعة الازمات وانتاجها لتعجز عن إيجاد الحلول الناجعة لها . ولا يمكنها بالتاكيد ان تكون مشاركة بوضع الحلول لما اقترفته . فالمستقبل المنشود يقتضي أن تتحرر القوى التحررية المرتبطة قسرا بالقوى التقليدية بالارتهان للوطن وتحقيق المصالحة من بوابة وطنية جدبدة هي الحوار الوطني وإظهار كل المشكلات والمعاناة على السطح دون تأجيل أو ترحيل يشكل تحدياً مستقبلياً . فإسطوانة الحوار الوطني التي تدار منذ مطلع اربعينيات القرن الماضي لتصبح هماً وطنيا وترقى إلى الاهمية كأحدى عجائب الثورة السبع ، وإن لم تدون كهدف من الأهداف . مؤتمرات محلية وحوارات تمت في مختلف المناطق التي عرفت هذه المؤتمرات باسمائها . ومؤتمرات ولقاءات إقليمية برعاية الدول التي احتضنتها . اختلفت المسميات والقضية واحدة ( المصلحة الوطنية ) واختلف التمثيل والقضية كما هي المصلحة الوطنية ! فما الذي حققته مجمل تلك الحوارات على هذا المدى الطويل ؟ فعقب النصر والتحول ... مصالحة وطنية ! بعد كل إخفاق . مصالحة وطنية ! وبعد اللاشيء مصالحة وطنية ! فما الذي تحقق تحت هذا العنوان ؟ هذه السلسلة الحوارية لم تنتج شيئا إيجابيا يمكن الاشارة اليه ولم تترك خيطا رفيعا يعول عليه للشروع والتهيئة لجولة جديدة تضاف إلى مسلسل الحوار الوطني وإن صُبغ برعاية دولية وإقليمية وامتد خيط الترجمة بأسفل الشاشة ، فلا جدوى ترجى منه ولن ينتج عنه ما يمكن الركون عليه . إن مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية القائمة اليوم هي إفراز طبيعي لمسلسل حواراتنا العقيمة . ولا يختلف واقعنا اليوم عن واقعنا عقب انتصار ثورة سبتمبر ان لم يكن هو عينه . فارتفاع صوت المصالحة الوطنية التي لم تستطع ثورة الحرية والتغيير بعنفوانها وسطوتها ان تخرصه . ولم تستطع فرض واقع الانتصار على قوى التخلف التي تعود لتطفو على السطح وتفرض واقعا سياسيا (هجيناً) بينها وبين قوى التقدم والحداثة . ولاتزال صورة تاريخنا المعاصر ماثلة امام اعيننا . وندرك أننا لم نستطع فك شفرة الثنائية المخالفة لقوانين المنطق ( جمع المتناقضين ) وتحت مسمى الحاجة والضغوط وتوسع دائرة الحرص وبفرض الارادات . تبرز هذه القوى الثنائية المتناقضة بقوة . لتمثل مصالح دولية واقليمة ولتمثلها في صياغة تاريخنا ورسم مستقبلنا . واذا كانت هذه الدول بهيمنتها تفرض واقعا يمنيا بما يناسبها ويحقق مصالحها وعلنا تتقاسم المهام وتوزع الادوار فيما بينها في تراجيديا سيناريو بناء اليمن الجديد نتسأل هنا : ترى ماهو الدور الذي سيلعبه صاحب الحق (الشعب اليمني ) وماهي حصته في هذا التقاسم? وهنا لا نقلل من أهمية وضرورة إقامة حوار وطني جادا شرط أن يختلف جذريا عن كل الحوارات العقيمة السابقة . لاننا لا نحتاج إلى حوار هزيل يقوم بتجميل الواقع وتزيينه والتعامل معه كأمر واقع لا مفر منه والايمان بنظرية الزمان لا يجود بالافضل .. بيد أن تركة ثقيلة وعبء كبير يواجها شباب الثورة في الساحات صناع الحرية والتغيير ومعهم كل القوى الحية في المجتمع . لرؤية وكتابة سيناريو المستقبل برؤية وطنية تحررية لاتنسجم مع فرضية الشراكة الاقليمية والدولية مع ثنائية النشاز التقدمي التقليدي وإقصاء أصحاب المصلحة الحقيقية من ابناء الوطن عن واقع المشهد السياسي ونفي مقصود للآخر وإبراز جسد له خوار . لا حوار . ليكون عنوان لمرحلة . فالحوارات المزمعة لن يختلف نتاجها عن سابقتها بتزاوج القوتين لإنتاج واقع إجتماعي مشوه بتقديم مصالحها الضيقة على المصلحة الوطنية . مالم يقم الحوار الوطني على الاسس التالية : - أسس الحوار : - أن يكون شكل الدولة المنشود عنوانا للحوار - معالجة مجمل القضايا برؤية واضحة للمجتمع ولا يختزل المجتمع باصحاب القضايا الظاهرة على السطح . لاثبات وجودها بهذا الظهور . وليس بعدالة القضية . - الثورة ومطالبها اس من اساسات الحوار . - الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن اليمني . وتبني المطالب التي خرج لأجلها ثائرا . والتعبير عن معاناته . - التهيئة للحوار بلجان استقبال ودراسة مجمل القضايا المطروحة شعبيا لبلورة مشروع حوار وطني حقيقي . - معايير هامة لإقامة الحوار الوطني : - عدم شرعية عقد الشراكة بين قوى التخلف وقوى التقدم والحداثة . - احزاب اللقاء المشترك وحلفائه والمؤتمر الشعبي وحلفائه جزء من الازمات والمشكلات في الماضي القريب . فهل من الممكن ان يتحولوا إلى جزء من الحل . ام ان قضاياهم ستكون ضمن برنامج الحوار القادم . - اللقاء المشترك يعطي قوة الارادة السياسية على قوة المطالب الشخصية .. مالم تفرز هذه الاحزاب منفردة بهوياتها و برامجها المستقبلية . وهو ماطالبت به هذه القوى من الشباب عرض وتقديم رؤيتهم المستقبلية . فمن لم يستطع خلال مسار حواراته السابقة تحقيق أي تقدم لا يمكنه تقديم الجديد . على قاعدة ( فاقد الشيء لا يعطيه ) . - يتولى شباب الثورة قادة الحرية والتغيير رعاية الحوار الوطني ولا تكون الاحزاب السياسية القائمة والنظام سوى جزء من المجتمع وطرف في الحوار . لا مهيمن عليه .....