من المفترض ووفقاً للدين الإسلامي الحنيف أن يكون العلماء هم طوق النجاة للمجتمعات الإسلامية من الفتنة إذا ظهرت في يوم من الأيام, ذلك لأن دور العلماء هي الدعوة لإصلاح ذات البين ولمّ الشمل وتوحيد الصفوف والنصيحة ومنع الاختلاف بين المسلمين انطلاقاً من قوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» صدق الله العظيم، وتجسيداً لحديث النبي (ص) «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». إن واجب العلماء هو درء الفتنة بين المسلمين نظراً لما قد تؤدي إليه الفتنة من اقتتال وسفك للدماء واستباحة للأموال والأعراض التي حرّمها الله وشدد النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على حرمة الدماء والأموال والأعراض، فقال: «إن دماءكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في عامكم هذا وإن أعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في عامكم هذا وإن أموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في عامكم هذا ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد». لقد يئس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم, هكذا أخبرنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الشيطان سيظل عدواً دائماً للمسلمين يسعى في كل زمان ومكان للإيقاع بينهم, وهنا يأتي دور العلماء من يسمّون أنفسهم ورثة الأنبياء في التصدي للشيطان وإفشال مخططاته الرامية إلى إيقاظ الفتنة بين المسلمين, فالعلماء يعلمون علم اليقين أن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها, فهل أدرك العلماء حقيقة ما سمي بالربيع وحقيقة أهدافه ومخططاته ومن هي الأصابع الحقيقية التي تحرك وتوجه ثورات الربيع العربي ولمصلحة من تجري كل هذه الفوضى في بلاد الإسلام والمسلمين؟ لقد بشّر بوش الابن في زهو الانتصار الامريكي باحتلال عاصمة الرشيد بغداد بشرق أوسط جديد, وللأسف لم يتنبه البعض لما كان يقصده بوش بمصطلح شرق أوسط جديد حتى وقع الفأس بالرأس كما يقول المثل العربي وأصبحنا نشاهد تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وحياة سياسية في بلادنا العربية عنوانها الديمقراطية وواقعها الفوضى الخلاقة, كل هذا حدث ويحدث وللأسف الشديد أن دور العلماء كان سلبياً للغاية، حيث تبرع العديد منهم بفتاوى تحريضية تخدم مخططات الشرق الأوسط الجديد الذي بشّر به بوش الابن في وقت سابق. إن أكبر بلوى ابتلي بها العالم العربي والإسلامي هم علماء الدولار، علماء الدنيا، علماء السياسية، علماء التجارة، علماء البورصات والبنوك والأسواق المالية، علماء الاستثمارات والعقارات والأمور الدنيوية, الذين ربطوا مصالحهم بمصالح أعداء الإسلام, فجعلوا من أنفسهم أدوات ومعاول هدم لوحدة المجتمعات الإسلامية فكانت الفتاوى التي صدرت منهم وحيّرت الكثير من أصحاب العقول السليمة, إذ كيف يمكن لعالم أن يفتي بوجوب الاقتتال بين المسلمين؟ وكيف لعالم أن يدعو إلى تحريض فئة من المسلمين ضد أخرى؟ وكيف لعالم أن يسعى إلى تهييج الناس وإيقاظ الفتنة بين المسلمين؟ عذراً ياعلماء الأمس مما يفعله علماء اليوم, عذراً يارسول الله مما يفعله علماء اليوم, حرّمت الفتنة وحذّرت منها لكنهم أيقظوها, حرّمت سفك دماء المسلمين لكنهم دعوا إلى سفكها, حذّرت من الخصام والتنازع بين المسلمين لكنهم فعلوها, حذّرت من الانقسام بين المسلمين والتشتت لكنهم من نظر لذلك وقسّمونا إلى شيع وأحزاب ومذاهب وطوائف, وأصبح بعضهم يكفّر البعض الآخر ويفتي بوجوب جهاده وقتله واستباحة ماله, فعلوا كل هذا يارسول الله وكل واحد منهم يدعي الحق والالتزام بسنتك ومنهجك في حين لا أحد منهم يلتزم بسنتك ومنهجك يارسول الله إلا من رحم ربي.