البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    ماذا تعني زيارة الرئيس العليمي محافظة مارب ؟    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    رسالة سعودية قوية للحوثيين ومليشيات إيران في المنطقة    كأن الحرب في يومها الأول.. مليشيات الحوثي تهاجم السعودية بعد قمة الرياض    طفلة تزهق روحها بوحشية الحوثي: الموت على بوابة النجاة!    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز برباعية امام فالنسيا    ثلاثة صواريخ هاجمتها.. الكشف عن تفاصيل هجوم حوثي على سفينة كانت في طريقها إلى السعودية    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    رئيس مجلس القيادة: مأرب صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر    الجرادي: التكتل الوطني الواسع سيعمل على مساندة الحكومة لاستعادة مؤسسات الدولة    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    استشهاد 23 فلسطينياً جراء قصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة    فيتنام تدخل قائمة اكبر ثلاثة مصدرين للبن في العالم    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    رباعي بايرن ميونخ جاهز لمواجهة ريال مدريد    عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    ريمة سَّكاب اليمن !    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع لرؤيا مستقبلية لشباب الثورة!
نشر في الجمهورية يوم 21 - 03 - 2012

لقد آن أوان إطلاق عملية التنمية المستدامة في اليمن:
انفتاح على الاقليم
تعتبر اليمن من الدول متوسطة الحجم و الموارد و بالتالي فإن عليها ان لا تنكفئ على نفسها بل ان عليها ان تنفتح على العالم الخارجي. و في هذا الإطار ينبغي التنبيه على ضرورة الانفتاح على المستوى الاقليمي على الاقل.
وينبغي على اليمن ان يتعرف على مزاياه التنافسية و التي من اهمها الموقع و المناخ و السكان. فموقع اليمن الاستراتيجي يؤهلها لأنشطة مثل اعادة التصدير والوساطة والتخزين. اما مناخها فيؤهلها للسياحة.
في حين ان سكانها يؤهلها لأن تكون مركزاً اقليمياً للمهارات وخصوصاً مهارات الخدمات المساعدة. و لا شك ان ذلك كله يؤكد اهمية التدريب المهني و الفني. فبذلك تستطيع ان تنشط اعمال اعادة التصدير والتخزين و كذلك السياحة الداخلية والخارجية. بالاضافة الى ذلك فإنها تستطيع ان تصدر خدمة الفائض من العمالة المدربة الى الخارج. و من حسن حظ اليمن ان المهارات المطلوبة في الداخل هي تقريباً نفس المهارات المطلوبة في الخارج مما سيساعدها في تخفيض تكاليف التدريب و التأهيل و زيادة عوائده.
الابعاد السياسية لإطلاق عملية التنمية المستدامة
ما من شك بإن الابعاد السياسية تلعب دوراً مهماً في عملية التنمية المستدامة على اعتبار انها تمثل احد اجنحتها. وما من شك بإن الاختلالات السياسية في الماضي قد اعاقت اطلاق عملية التنمية المستدامة.
ومن اجل اصلاح هذه الاختلالات فإنه لا بد من القيام بما يلي.
توسيع المشاركة السياسية
على الرغم من شبه الاجماع على ضرورة تغيير النظام السياسي الحالي فإن هناك خلافات واسعة حول النظام السياسي المناسب في اليمن. فمن قائل انه من المناسب والمرغوب اصلاح النظام الحالي من خلال شكل من اشكال الحكم المحلي ومن قائل انه لا بد من تغييره بشكل جذري من خلال تبني الفدرالية.
ولا شك ان كلا التوجهين ينطلقان من اعتبارات ايدلوجية او مصالح سياسية ضيقه. فقد تم تجريب نظام الحكم المحلي في الماضي ولم يعمل على زيادة المشاركة في السلطة. و في نفس الوقت فإن الفيدرالية الكاملة غير ممكنة و غير مفيدة لليمن. انها تتطلب اعادة تقسيم البلاد الى اقاليم متوازنة وفقا لاعتبارات اقتصادية وسياسية و اجتماعية. و لا شك ان عملاً كهذا في غاية الصعوبة من الناحيتين السياسية والاجتماعية.
ومع ذلك فإن هناك ضرورة قصوى لزيادة المشاركة السياسية. فتحقيق التنمية المستدامة يحتم اشراك جميع فئات المجتمع في تحديد وظائف كل من الدولة والقطاع الخاص و منظمات المجتمع المدني. ان ذلك يحتم ضرورة اتباع آليات جديدة في عملية اعادة النظر في وظائف الدولة في اليمن. فعلى سبيل المثال فإنه لا بد من التخلي عن احتكار النخب السياسية حق الحديث عن وظائف الدولة. و لذلك فإنه لا بد من اشراك كل فئات المجتمع في ذلك.
ان عملية زيادة المشاركة السياسية امر غاية في الصعوبة. ان ذلك يتطلب الفصل بين الدولة والقبيلة بحيث ان القبيلة لا تعارض تطبيق القوانين السيادية. اذ انه لم يعد من الممكن ادارة الدولة الحديثة بأسلوب العلاقات القبلية البحتة. فالفصل بين المؤسستين لا شك سيوفر التكاليف الكبيرة التي يلتهمها الصراع بين المؤسستين في الوقت الحاضر.
كذلك ان زيادة الشراكة السياسية يتطلب الفصل بين السلطة المحلية والمركزية بما يضمن توازن الواجبات والصلاحيات والخدمات والإيرادات و كذلك التكامل بين السلطتين. ان ذلك سيعمل على تجفيف منابع الفساد و زيادة الكفاءة و تحقيق العدالة.
وعلى هذا الاساس فإن زيادة المشاركة السياسية يحتم اعادة النظر بوظائف الدولة الحديثة و تقاسم هذه الوظائف بين السلطات المركزية و المحلية. لقد اوضحت تجارب اليمنيين مع الدولة الحديثة وجود تصورات متناقضة حول الوظائف السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة. فقد تراوحت هذه التصورات بين اقصى اليمين و اقصى اليسار. وكان من الواضح ان عملية تحديد وظائف الدولة في اليمن قد اقتصرت على النخب السياسية. اما غالبية فئات المجتمع فقد غيبت او تغيبت.
ولذلك فإن هذه المهمة لا يمكن ان تقوم بها النخب السياسية الممثلة في الاحزاب والقوى السياسية الاخرى و انما يجب ان تسند الى الجهات المحلية، اي المحافظات. وفي هذا الاطار فإنه يمكن الدعوة الى لقاء محلي بين مندوبين ينتخبون في كل محافظة من المحافظات اليمنية الواحدة و العشرين لمناقشة حدود و صلاحيات السلطات المحلية وعلاقاتها مع السطلة المركزية. ان لقاء كهذا قد يعمل على توحيد كل محافظة من المحافظات تجاه المحافظات الاخرى. و لا شك ان ذلك سيعمل على ايجاد وحدة وطنية حقيقية في كل محافظة و في هذه الحالة فإنه سيمنع محاولات تحريض عدد من المحافظات ضد عدد من المحافظات الاخرى. ففي الحالة الاولى فإن اي اختلاف بين المحافظات و بعضها البعض لا بد و ان يكون في اطار الوحدة الوطنية لأن كل محافظة لحالها لا يمكن ان تشكل اي كيان قابل للحياة يسعى للانفصال عن الوطن. اما في الحالة الثانية فإن ذلك قد يكون ممكنا او ان التخوف من وقوعه له ما يبرره.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى فإن لقاء كهذا سيمكن مكونات المجتمع من ان تعبر عن مصالحها و ان يكون لها قول في مستقبلها. و لا شك ان ذلك يمثل الضمانة الحقيقية لأن تكون وظائف الدولة المتفق عليها تعبر عن واقع اليمن و عن مستقبله. و اذا ما تحقق ذلك فإن ذلك يمثل ضماناً بأن تكون هذه الوظائف مفعلة و حاضرة.
بالاضافة الى ذلك فإنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الاقتصاديات الحديثة. ان ذلك يتطلب تركيز الاستثمار في البنية التحتية الضرورية. ولاشك ان ذلك يعطي لعملية التخطيط أهمية لا تقل عن عملية التنفيذ. فإذا كان من الممكن تفويض التنفيذ للإدارات المحلية فإن عملية التخطيط لا بد وان تبقى مركزية. ولا شك ان المواءمة بين الاتجاهين تحتاج الى قدر كبير من التخطيط والتنسيق والتقييم والمراجعة. ولا شك ان ذلك يتطلب تطوير رؤى استراتيجية وخطط محددة ووسائل فعالة.
و من اجل المساعدة على اطلاق حوار جاد و فعال بهدف التوصل الى توافق حول النظام السياسي المناسب الذي من الممكن ان يعمل على زيادة المشاركة السياسية فإنني اعتقد ان النظام السياسي المناسب لليمن هو ذلك النظام الذي يعيد توزيع الاختصاصات بين كل من المركز والمحليات وليس إحلال أحدهما محل الآخر.
فعملية نقل السلطات أو الصلاحيات من المركز الى المحليات بشكل عشوائي ليست ممكنة في حالة اليمن لأن هذه المحليات ليست مؤهلة لذلك. وكذلك فإن احتفاظ المركز بصلاحياته الحالية غير ممكن لعدم قدرتها على تلمس احتياجات المحليات. إن ذلك يتطلب إيجاد مزيج من السلطات المركزية والمحلية بما يتناسب مع ظروف اليمن. ومع السعي لتغيير هذا المزيج كلما تغيرت الظروف الموضوعية في كل من المركز والمحليات.
وقد يكون من المناسب إقامة مجلس جديد يمكن ان يطلق عليه مجلس المحليات تمثل فيه كل المحافظات بعدد متساوٍ ويمكن انتخاب أعضائه مباشرة من ابناء المحافظات. ومن الممكن أن تكون المهمة الأساسية لهذا المجلس هي الإشراف على أداء المجالس المحلية في المحافظات وتنسيق نشاطاتها. واذا كانت هناك أية حاجة لإصدار أي لوائح تنظم عمل هذه المجالس في المحافظات فإنه ينبغي أن ترفع مشاريع هذه اللوائح اليه بهدف مناقشتها وإجراء التعديلات الضرورية عليها قبل إصدارها. ويمكن أن يتولى هذا المجلس مناقشة الموازنات المستقلة للمجالس المحلية والموازنة الموحدة لها.
وقد يكون من المناسب ان يسند الى هذا المجلس مهام مثل إعادة التقسيم الإداري الذي تقتضي الضرورة ذلك وكذلك تحديد الحدود الجغرافية للمحافظات والمديريات وتحديد العلاقة بين المجالس القروية والمديريات وبين المديريات والمحافظات.
و يجب ان يتم انتخاب محافظ المحافظة مباشرة من ناخبي المحافظة. وفي هذه الحالة فإنه المسؤول الأول عن أوضاع المحافظة. ولذلك فإنه يرشح مدراء العموم الذين سيعملون معه ومن الممكن أن يوافق المجلس المحلي على ذلك. وكذلك فإنه قد يكون من المناسب أن يرشح المحافظ مديري النواحي والذين يجب ان يوافق على ترشيحهم المجلس المحلي في المديرية. ويتولى المحافظ عملية التخطيط والتنفيذ والرقابة على كل الأعمال المحلية في المحافظة كما يتولى المحافظ وبمساعدة الإدارات المختصة إعداد الموازنة المحلية للمحافظة ويرفعها الى المجلس المحلي لمناقشتها وإقرارها ويقترح المحافظ أيضاً خطط تنمية المديريات ويعرضها على المجالس المحلية في المديريات لمناقشتها وإقرارها.
و كذلك فإنه يجب انتخاب مجلس محلي للمحافظة. وينبغي أن تكون المهمة الأساسية له هي الرقابة على أداء المحافظ وفريق عمله. يناقش ويقر المجلس المحلي الموازنة المقدمة من المحافظ. يتولى المجلس مناقشة وإقرار ترشيحات المحافظ لمدراء الإدارات العامة. وفي حال رفض المجلس أي ترشيح فإن على المحافظ ترشيح بديل عن ذلك. ويحق للمجلس المحلي في المحافظة سحب الثقة عن أي مدير عام في المحافظة. ويحق للمحافظ الاعتراض على هذا القرار. وفي هذه الحالة فإنه يحق للمجلس المحلي إعادة التصويت على سحب الثقة. فإذا حصل قرار السحب على ثلثي أعضاء المجلس المحلي فإن اعتراض المحافظ يسقط ويتم سحب الثقة.
يتولى المجلس المحلي في المحافظة تحديد الرسوم وأي عوائد أخرى تقع في إطار صلاحياته. ويتولى كذلك تحديد العوائد المشتركة بين المديريات ونسبة الشراكة بينها. ويناقش المجلس ويقر خطط وموازنات المديريات وفقاً للقواعد التي أقرها المجلس والسياسة العامة للدولة وخصائص كل مديرية على حدة. وكذلك فإن عليه التنسيق بين مختلف المديريات والتوسط في الخلافات التي قد تنشأ فيما بينها.
قد يكون من المناسب في الوقت الحاضر ترشيح مديري المديريات من قبل المحافظ وتقدم الى المجلس المحلي في المديرية للموافقة عليها او رفضها. ويتولى مدير المديرية المهام المحددة له من قبل المحافظ وعلى وجه الخصوص تنفيذ الخطة التي اقترحها المحافظ ووافق عليها المجلس المحلي في المديرية. يرشح مدير المديرية من يرغب في مساعدته بإدارتها ويرفعها الى المجلس المحلي لمناقشتها وإقرارها. ويعد مدير المديرية موازنة المديرية ويرفعها إلى المجلس المحلي في المديرية لمناقشتها وإقرارها.
و يجب انتخاب مجلس محلي في كل مديرية من مديريات الجمهورية. وتكون المهمة الأساسية لها الرقابة على أداء إدارة المديرية. ويتولى كذلك إقرار خطة تنمية المديرية المقدمة من المحافظ ومناقشة وإقرار موازنة المديرية المقدمة من مدير المديرية. ويحق له سحب الثقة عن أي من العاملين مع مدير المديرية. وفي حال اعتراض المدير على قرار السحب هذا فإن القرار يعود الى المجلس للتصويت عليه فإذا صوت على قرار السحب مرة ثانية واستمر المدير في الاعتراض فإن الامر يرفع الى محافظ المحافظة ويكون قراره ملزماً للطرفين.
و يجب أن يحل المجلس القروي محل المركز المحلي الحالي. ويتولى هذا المجلس المهام الأساسية على مستوى القرية مثل الأمن والرعي والمياه والكهرباء وحل الخلافات البسيطة وتسجيل المواليد والوفيات والإشراف على المدارس فيها وجمع الضرائب والرسوم. ويكون هو صلة الوصل بين المواطن في القرى والادارة في المديريات.
في اعتقادي ان نظاماً محلياً كهذا سيكون نظاماً وسيطاً بين الحكم المحلي و الفيدرالية و سيقوم على اساس الادارة المجتمعية التي ستوفر قدراً كبيراً من اللامركزية مع ضمان قدر معقول من الرقابة المتبادلة.
الحرص على العدالة
مما لا شك فيه ان اليمن كل اليمن يعاني من التخلف و بالتالي فإنه من المتوقع ان تكون هناك منافسة حادة بين مختلف مناطق اليمن على الحصول على التمويلات اللازمة لتنمية نفسها. و مع التسليم بأن ذلك شيئاً مشروعاً فإنه ينبغي التنبيه الى مخاطر مجاملة البعض على حساب البعض الاخر. و لا يمكن التغلب على ذلك الا من خلال الحرص الشديد على تحقيق العدالة بين الجميع وللجميع.
فعلى سبيل المثال فإنه يجب الاخذ بعين الاعتبار مصالح المواطنين في الارياف عند اختيار ممثلي المحافظات. فلا زال الريف اليمني يعيش فيه ما لا يقل عن 70 % من السكان. وفي ظل معدل النمو السكاني المرتفع والذي يصل الى حوالي 3 % فإن الموارد الزراعية لا يمكن ان توفر لهؤلاء حتى الحد الأدنى من العيش. والأكثر أهمية ان هؤلاء يعيشون في تجمعات سكانية متناثرة تفوق ال «130» ألف تجمع سكاني. ولا شك ان هذا التشتت الكبير يجعل تكاليف تقديم الخدمات الأساسية لهم تفوق أي تصور.
ولذلك فإن من أهم أولويات النظام السياسي البحث عن مصادر جديدة للثروة والتقليل من التشتت السكاني الحالي. وذلك يتطلب التوفيق بين الانتماء الوطني والمحلي. ففي ظل عدم النجاح في ذلك فإنه سيجعل من العسير العمل على إنشاء مناطق اقتصادية جديدة تستوعب هذا الكم الهائل من السكان برغم ما يتمتع به اليمن من موارد طبيعية وميزات نسبية.
ولذلك فإنه من المناسب السير في اتجاهين وبشكل متزامن. ويتمثل الاتجاه الأول في تطوير المناطق السكانية الحالية بما يعمل على تحسين معيشة السكان في الاجل القصير على الأقل. في حين يمثل الاتجاه الثاني تطوير مناطق سكانية جديدة تمكن من انتقال بعض سكان المناطق السكانية الحالية إليها وذلك في الآجل المتوسط والآجل الطويل.
و من اجل ضمان تحقيق العدالة للجميع فإنه لا بد من فض التداخلات بين الحقوق الخاصة للأفراد و للقبيلة في العديد من الجوانب. فملكية أراضي القبيلة لا زالت مشاعة بين أفرادها الامر الذي يؤثر على عملية استغلالها و تقاسم العائد على ذلك. و كذلك فإن تمويل نفقات القبيلة لا تتم وفقاً لمعايير عادلة و مستقرة. و ابرز مثال على ذلك ممارسات الثأر داخل القبيلة وبين القبائل.
و لقد ترتب على هذا التداخل في الحقوق ان تدخلت حقوق ملكية الأفراد غير الأقارب او غير المنتمين الى القبلية. و ابرز مثال على ذلك ما يحدث من عمليات خطف و تقطع ومصادرة و تفاوت في الديات و الاروش و غير ذلك من الحقوق.
و لا يقل الامر سوءاً فيما يخص عملية حماية حقوق الملكية. فالملكية العامة لا تحظى بأي حماية البتة مما ترتب عليه عدم توازن التنمية الاقتصادية و خصوصا فيما يخص البنية التحتية الأساسية. أما حماية حقوق الأفراد فلا تخضع لمعايير موحدة و إنما يتنوع بتنوع النفوذ القبلي. فمن له دعم قبلي فإنه يحمي حقوقه كاملة و من ليس له هذا الدعم فإنه لا يستطيع ان يحمي حقوقه مما يغري الآخرين في مصادرتها و انتهاكها بشكل فاضح.
أما فيما يخص التوزيع فإنه غير عادل و غير كفء. فإيرادات النفط والتي تمثل ما يقرب من 20 % من الناتج القومي الاجمالي يتم إنفاقها بدون أي ضوابط. ويمكن القول بأن هذا الوضع ينطبق على كل الموارد العامة. فلا توجد أي أسس و معايير علمية وعادلة يتم وفقاً لها إعداد وتنفيذ والرقابة على الموازنة العامة و الموازنات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة. فإذا كان مجموع ما تتولى إدارته هذه المؤسسات يقترب من 50 % من الناتج القومي الاجمالي فإن اثر ذلك السلبي على الكفاءة الاقتصادية و العدالة الاجتماعية كبير جداً.
و نفس الامر ينطبق على الخدمة المدنية و العسكرية. فلا توجد أي قواعد عادلة تحكم كلاً من الالتحاق والترقية و الفصل في هذه الأجهزة. و في نفس الوقت فإن الأجور والمرتبات التي يتقاضاها هؤلاء لا تخضع لأي معيار اقتصادي او اجتماعي.
زيادة فعالية مؤسسات الدولة
من المسلم به ان النظام السياسي الحالي يعاني من عدم الفعالية. و يتضح ذلك من خلال العجز في اتخاذ القرارات الاستراتيجية و التباطؤ في مواجهات الازمات الحادة والتطويل غير المبرر في الاجراءات و غير ذلك من المؤشرات. و لا شك ان نظاماً كهذا لا يمكن ان يطلق او يقود اي عملية تنمية مستدامة من اي نوع.
و من اجل التغلب على ذلك فإنه لا بد من ان تتم مراعاة متطلبات الفعالية عند مناقشة النظام السياسي القادم. و من الواضح ان القيام بمهمة كهذه تقع على عاتق القوى السياسية واعني بذلك الاحزاب السياسية.
و قد يكون من المناسب التقدم ببعض الافكار في هذا الاطار بهدف المساعدة في اطلاق الحوار بين الاحزاب السياسية. في ظل هذا النظام المقترح يظل مجلس النواب هو الجهة المخولة في إصدار القوانين. وكذلك فيما يخص مناقشة وإقرار الموازنة المركزية والتي ينبغي ان تحدد مقدار الدعم المركزي للمحافظات. وفي هذا الإطار فإنه يمكن تقسيم هذا الدعم الى قسمين. القسم الأول هو ما تفوض المجالس المحلية في المحافظات تخصيصه للمديريات بحسب المعايير المتفق عليها. أما القسم الثاني فيمثل تلك الموارد التي تعطى للمحافظات بشرط استخدامها وفقاً لما تحدده الحكومة من مشاريع او برامج.
و من وجهة نظري فإنه لا بد ان تلعب مؤسسة الرئاسة دوراً أساسياً في اي نظام سياسي قادم. و احب ان اؤكد على ذلك لأن تاريخ الدكتاتورية في الماضي قد يقود الى تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لمنع حدوث ذلك في المستقبل. و ان كان ذلك صحيح فإنه لا بد من مراعاة الفعالية فرئيس جمهورية بدون صلاحيات مناسبة قد يؤدي الى ضعف فعالية النظام السياسي. و لا شك ان مساوئ ضعف فعالية النظام السياسي تتساوى تماماً مع مساوئ الدكتاتورية. و من اجل التغلب على ذلك فإنه لا بد من النص على المسئوليات والصلاحيات بشكل دقيق و توخي التوازن في ذلك حتى لا يحدث لا ديكتاتورية و لا ضعف في الفعالية.
و في هذا الاطار فإن رئيس الجمهورية سيظل يرمز الى الهوية الوطنية وبالتالي لابد و ان يظل كذلك حتى لا تطغى الرموز المحلية عليها. ولذلك فإنه من المناسب ان يكون الرئيس هو المسؤول الأول عن الدفاع وبالتالي فإنه ينبغي ان يخول تعيين كل من وزير الدفاع ورئاسة الأركان وكبار ضباط الجيش. وكذلك فمن المناسب ان يتولى إدارة العلاقات الخارجية وبالتالي فإنه لا بد وان يخول تعيين وزير الخارجية والسفراء. وهو ايضاً الذي يحق له اعتماد سفراء الدول لدى الدولة.
ولضمان فعالية مؤسسة الرئاسة فإنه لا بد وان يخول رئيس الجمهورية الاستعانة بما يراه مناسباً من المؤسسات المستقلة عن الحكومة مثل جهاز الأمن القومي والمجلس الوطني للخدمة المدنية ومجلس الإشراف على الإعلام. . وينبغي ان تظل السلطة القضائية مستقلة. ومن أجل تحقيق ذلك فإن رئيس الجمهورية هو الذي يرشح أعضاء السلطة القضائية العليا ويرسل ذلك الى مجلس النواب الذي يجب أن يقر ترشيحه أو يرفضه. واذا رفض المجلس هذه الترشيحات فإن على رئيس الجمهورية ان يقدم مرشحين جدداً.
وقد يكون من المناسب أن يعين رئيس الجمهورية ممثلين له في المحافظات كمراقبين يحق لهم حضور اجتماعات السلطة المحلية في المحافظات وإبداء رأيهم في الموضوعات التي تعرض عليها معمداً على السياسة العامة للدولة ولكن لا يحق لهم التصويت ولا الاعتراض على إي قرارات لا يرضون عنها. وفي هذه الحالة فإن عليهم ان يرفعوا تقارير مفصلة إلى رئيس الجمهورية، موضحين الأسباب التي دعتهم للاعتراض أو عدم الموافقة.
وينبغي ان يكون الى جانب الرئيس حكومة مركزية مسئولة عن الاقتصاد والتعليم والصحة والأمن الداخلي ( الشرطة والمرور). وفي هذه الحالة فقد يكون من المناسب إلغاء بعض الوزارات مثل الإعلام والخدمة المدنية والادارة المحلية.
ويكون مجلس الوزراء مسئولاً مسئولية مباشرة أمام مجلس النواب. فالحزب الحاصل على الأغلبية او الأحزاب المتحالفة التي لديها أغلبية في المجلس هي التي تشكل الحكومة وبعد موافقة المجلس على الحكومة وعلى برنامجها يرفع بأسمائها الى رئيس الجمهورية لإصدار قرار جمهوري بتشكيلها.
من الواضح أن إدارة الاقتصاد هي المهمة الأساسية لمجلس الوزراء. إي ان السياسة الاقتصادية بما فيها السياسة المالية والنقدية وتنظيم الحياة والأنشطة الاقتصادية هي من الاختصاصات الأساسية لمجلس الوزراء. ومن ضمن ذلك تحصيل الموارد السياسية وتحديد أولويات النفقات العامة بالتشارك مع مجلس النواب.
ومن أهم اختصاصات مجلس الوزراء توفير الأمن العام وذلك من خلال إدارة الشرطة والمرور ومحاربة الجريمة العامة. وكذلك حماية المواطنين من مختلف المخاطر بما في ذلك مخاطر الغذاء والعلاج والوقاية من الأمراض.
ومن الممكن ان يشترك مجلس الوزراء في مهام التعليم والصحة مع الادارة المحلية. بحيث تتولى الحكومة المناهج والرقابة وتتولى الادارة المحلية التنفيذ الفعلي لخدمات التعليم والصحة من خلال إدارة المدارس والمستشفيات العامة وتنظيم المدارس والمستشفيات الخاصة.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.