إذا أردنا إيقاف حريق الدم الذي يؤرق معظم المحافظات جراء الانقطاعات المتكررة للكهرباء نتيجة تعرض خطوط النقل القادمة من محافظة مأرب لأعمال تخريبية منظمة، وبعد أن عجزت الدولة بقضها وقضيفها عن وضع هذا الملف العامر بالظلام على عتبة الانفراج بالرغم من الأموال التي انهمرت بغزارة على تلك البقاع والمناشدات والكتابات الصحفية التي يصعب حصرها وقد يصل تعدادها إلى رقم قياسي يؤهلها لدخول موسوعة غينيس ولو من أسوأ الأبواب. لذلك علينا كمواطنين متضررين أن لا نقف موقف المتفرج من هذه الأعمال الرخيصة والاعتماد على أنفسنا في وضع خارطة طريق شعبية تقينا الاستمرار في هذا المسلسل الشبواني الطويل المليء باللقطات والكوابيس المرعبة، وقبل الشروع في الخطوات التنفيذية للخارطة لا بأس من دغدغة عواطف (آل شبوان) من خلال تحديد يوم جمعة باسمهم ينعش كبرياءهم بين القبائل تحت شعار (ياجابر.. اجبرنا بالكهرباء) يركز فيه خطباء الجوامع على تلقين الناس وتعريفهم بكرامات ومعجزات الشهيد الخارق للعادة، وعند الفراغ من الصلاة نسارع إلى بسط (الشيلان) على خارج المسجد ونفتح باب التبرعات كل بحسب استطاعته (من أجل كهرباء غير مقطوعة ولا ممنوعة)، وبعد جمع التبرعات المالية التي أظن أنها ستكون كبيرة تخصص شطراً كبيراً منها لشراء أكبر قدر ممكن من رؤوس الماشية (ذكران البقر والأغنام)، وهناك في ساحة آل شبوان وعلى مقربة من ضريح المغدور به نباشر بذبح هذه الرؤوس بالتوازي مع إحياء قداس (التطبير) وهو الضرب بالسلاسل على الظهور كما يفعل إخواننا الشيعة في العراق وإيران ولبنان تعبيراً عن سخطها البالغ لاغتيال جابر الشبواني الذي لا ناقة لنا فيه ولا جمل الذي ترتب عليه وصول قطاع الكهرباء في بلادنا إلى حالة (الموت السريري). أما بقية ما جمعنا من أموال فإننا والعياذ بالله لن نحوله إلى حسابات خاصة، بل سنستغله على جناح السرعة في بقاء نصب على الضريح يؤكد تعاطفنا مع أصحاب الدم مكون من أربعة أعمدة مرصّعة بالياقوت تعلوها قبة مطلية بالذهب عيار 24 مطرزة باللؤلؤ والمرجان، وحتى لا تذهب جهودنا هباءً علينا الإيعاز إلى علمائنا الذين نعرفهم جيداً والمتخصصين في تشكيل فتاوى حسب الطلب لإصدار فتوى توجب زيارة الضريح مرة واحدة كل عام ولا تسقط ذمة المسلم الذي يشترط أن يكون من أبوين يمنيين إلا بتلك الزيارة ذكراً كان أو أنثى. إذا اتفقنا على هذه الخطة الرهيبة فأعتقد جازماً أن زعماء (آل شبوان) لن يتوانوا في ردع سفهائهم عن الاعتداء على الأبراج وترك الكهرباء تمر بسلام، وفي حال لا سمح الله رفض رجالات القبيلة هذه الامتيازات التي قد يتمناها بندكت السادس عشر ذات نفسه وأصروا على أن نعيد جابر الشبواني حياً حتى يتركوا خطوط الكهرباء وشأنها عندها نلجأ إلى النسق الثاني في الخطة والمتمثل في خروج الناس جماعات ووحدانا إلى الشوارع ونبتهل إلى الله أن يأخذ أرواحنا جميعاً في مقابل إعادة روح جابر إلى جسدها، إذا ما استجاب الله لتضرعنا فإننا غير مسئولين إذا حدث أي مكروه وأقدم الأقربون من العشيرة باغتيال العائد من عالم الأموات لأن هذا الإرجاع قد يقطع أرزاقهم ويحول دون تدفق مئات الملايين التي استعذبوها..! وهذا أمر لا يعنينا حقيقة وما يهمنا هو أن من تلك الاعتداءات التي تخطف الكهرباء ولا تُطلق إلا بفدية دسمة، كون هذا الاختطاف لا يتضرر من آثاره الفادحة سوى الملايين من الطبقات المسحوقة. وعلى كل حال أنتم مخيرون ومفوضون ياأصحابنا من قبل المحافظات المنكوبة كهربائياً، إما بأخذ أرواحنا لقاء أن ينعم أولادنا وأحفادنا من بعدنا بطاقة كهربائية لا توصد في وجوهنا أو الاكتفاء بتخليد ذكركم في التاريخ عن طريق تمويل ضريح الشهيد بموجب الخيار الأول إلى مزار بطقوس سنوية نستلهم فيها بركات صاحب الضريح حتى آخر قطرة من حياتنا المليئة بالمنغصات والتعاسة.. فهل أنتم راضون..؟! الخيار الأول والأخير لكم..