تعز الجمال والاعتدال في هوائها وسلوكيات أبنائها، تعز الطبيعة الغناء والمناظر الخلابة والهدوء، تعز العاصمة الثقافية والسلوك الحضاري والحلم الجميل، خلال السنوات القليلة الماضية حكم عليها أو منذ عودة الوحدة اليمنية المباركة بالإهمال وعدم المبالاة، وكأنها أو سكانها ارتكبوا معصية أو جناية بحق النظام وأهله، فلم يأتها إلا كل جبار عنيد لا يرعى فيها إلاً ولا ذمة حتى كادت وكاد أهلها ينسون نوع الثقافة أو الحضارة، لأن أهلها ًصاروا لا شاغل لهم إلا حماية حقوقهم من المتفودين للأراضي والعقارات الخاصة والعامة والسعي وراء توفير الماء ليرووا عطشهم. فمازلت أذكر ذلك المحافظ الذي ما أن تعين فإذا به يشمّر عن ساعديه بيعاً وتأجيراً لعقارات وساحات تعز حتى مدرسة الشعب بتعز كاد يبيعها لأحد التجار وكذلك مخازن التربية والتعليم وموقف السيارات قرب باب الكبير وهكذا كان لن يأتي أشهر قليلة إلا وقد باع تعز كلها لولا يقظة رجال الخير والمخلصين من أبناء تعز تحركوا وصاحوا ووقفوا بحزم لوقع الفأس في الرأس وهكذا من أتوا بعده من المحافظين لا يستثنى منهم إلا الأستاذ عبدالرحمن محمد علي عثمان، إلا أن فترته في تعز بعد الوحدة كانت قصيرة.. أما غيره فلم يكن لهم شيء يذكر نحتسبه لهم وإذا هناك شيء حققوه نتمنى أن يذكرونا به، فتعز صارت تعاني ومنذ سنوات انعدام الماء وشحته وبدلاً ما كانت نموذج للنظافة صارت وكأنها مقلب عام للقمامة والأوساخ وبالذات خلال وبعد اندلاع ثورة الشباب وكأن هناك جهة معينة تعاقب تعز على ثورة شبابها الذين لم يثوروا إلا من معاناة خاصة بهم وعامة بالبلاد كله، ونحمد الله أخيراً أن ألهم السلطة باختيار الأستاذ شوقي أحمد هائل محافظاً لتعز، ليعيد لها بهاءها ونقاءها ويعيدها من جديد عاصمة للثقافة والمثقفين.. فذلك المؤمل منه لأنه من أسرة تعودت أن تعطي وتعمل المنجزات في تعز، بل وفي عامة الوطن ولا أقول هذا ملقاً ولا نفاقاً فهم وغيرهم يعرفون عني أني لا أداهن ولا أمدح أحداً إلا بما يستحقه وعلى شيء حسن أدائه أو فعله، فأسرة هائل لم يسبق أن أخذت منهم لا أسود ولا أبيض كما يقول المثل رغم أنهم لم يكونوا بخلاء في العطاء والهبات ليس لي فقط وإنما لغيري أيضاً ممن يرون أنهم يستحقون ذلك، لكني وهم يعرفون أني لم آخذ ولم أتعاطَ منهم ولا من غيرهم شيئاً يذكر أبداً.. ولكن الحق يجب أن يقال فأسرة هائل سعيد أنعم بصدق وحقيقة تختلف كلياً عن غيرها من بيوت المال والأعمال، فهي بقدر الأخذ تعطي وتساهم في كثير من المشاريع العامة في البلد سواء في مجال التربية والتعليم أو في الصحة أو في التعليم الجامعي أو في الأعمال الخيرية أو في غيرها من المجالات، ويكفيهم فخراً إنشاء مؤسسة السعيد للثقافة والآداب، ذلك الصرح العلمي والثقافي الذي بنشاطه بقى لتعز شيء يذكر بها بأنها كانت يوماً عاصمة للثقافة، ولا شك أن تعز ستدخل مع محافظها الجديد شوقي هائل مرحلة من النماء والتحضر وسيعود لها رونقها واسمها ومكانتها عاصمة للثقافة ومهبطاً للمثقفين ورجالات العلم والفكر.. فأهلاً بشوقي وشكراً للقيادة السياسية على حسن اختيارها ونأمل أن تكون عوناً صادقاً له فلا تتركه للضياع والعراقيل والروتين الذي يعيق مسيرة الأعمال الناجحة والرجال الناجحين، فالرجل قد وعد وألزم نفسه بوعود لو تحققت لكانت إنجازاً ليس له وحده وإنما لكل من ساعده وللقيادة التي اختارته، وأهم تلك الوعود وعده بمتابعة وإنجاز مشروع تحلية مياه تعز وإب من المخا وهو مشروع عظيم فيه إنقاذ لملايين من البشر ربما يأتي عليهم وقت قد لا يجدون شربة ماء واحدة.. ولا أقول في الختام للأستاذ شوقي إلا هنيئاً لتعز وهنيئاً لك ثقة السلطة بل وثقة الناس بك ولا شك أنك ستكون عند حسن الظن، لأنك كما يقال غني من بيتك ولن تمد يدك لا للمال العام ولا للخاص فنحن معك مادمت مع الله ومع الوطن ومصلحته وكان الله في عونك دائماً إذا أخلصت النية وأحسنت العمل. هكذا يكون الفعل الصحيح يا شباب الثورة أسعدني كثيراً أن يتداعى شباب الساحات المستقلين إلى مؤتمر عام لهم يخرجون منه بلا شك بخلق إطار يجمعهم ويكون مرجعية صحيحة لهم يمثلهم ويرعى مصالحهم ويتحاور مع غيرهم، بدلاً من أن يكونون مجرد أداة ومطية لغيرهم لأشخاص ولأحزاب لا تنظر إلا لمصالحها فقط أما الشباب فقد باعوهم وتسلقوا على أكتافهم حتى وصلوا للمشاركة في السلطة التي هي الغاية والمراد.. ومن الآن وصاعداً وفي ظل كيان شبابي قوي شامل يمثل كل شباب الساحات المستقلين ستتغير الصورة ويتغير الوضع ، فلن تكون هناك وصاية لأحد على الشباب ومطالبهم وستكون العلاقة مباشرة بينهم وبين السلطة والمجتمع، ولن يستطيع أي كان أن يستثمر الشباب لصالحه ولمآربه، فالحمد لله أن الشباب أخيراً وعوا وضعهم وأهميتهم ودورهم الحقيقي في الثورة والتغيير، كنا نأمل أن تكون الصحوة مبكرة، فقد كنا بذلك ربما تجنبنا كثيراً من المآسي التي سببها المتسلقون والانتهازيون ممن ادعوا كذباً دعمهم للثورة وتمسحوا بها حتى (يكون لهم من الحب جانب) فيشاركون في الغنيمة بعد أن نال شباب الثورة وشهداؤها الخسارة.. وفقكم الله تعالى ياشباب اليمن وسدد خطاكم فيما ينفع الوطن وينفعكم، وإن شاء الله لن تخيبوا أملنا فيكم وستكونون حماة الوطن ومكتسباته وطموحاته، فإلى الأمام يا أمل الحاضر ورجال المستقبل وبناته.