عندما تولى الرئيس الفرنسي ( ديجول) رئاسة فرنسا كان أول من سأل عن حال التعليم الجامعي في فرنسا ، فقيل له: التعليم الجامعي الفرنسي بخير، فقال كلمته المشهورة: “ مادام التعليم الجامعي في فرنسا بخير فإن فرنسا بخير” وعندما قام الاتحاد السوفيتي (سابقاً) بالوصول إلى سطح القمر اهتزت أمريكا هزة عنيفة ومثل هذا الحدث ضربة موجعة للأمريكيين فتساءل الأمريكيون: كيف وصل الاتحاد السوفيتي إلى القمر قبلنا؟ فشكل الكونجرس الأمريكي لجنة لمعرفة أسباب ذلك فقدمت تلك اللجنة تقريرها للكونجرس تحت عنوان شهي «أمة في خطر» ، ولقد أرجع هذا التقرير أسباب وصول الاتحاد السوفيتي إلى القمر قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية للتعليم. فقامت مؤسسات التعليم في أمريكا بعمل ثورة تعليمية كبرى على كل مكونات النظام التعليمي الأمريكي آنذاك ، وبعد سنتين تقريباُ وصل الأمريكيون إلى سطح القمر. من ذلك يتضح أن التعليم هو البوابة الرئيسية للتقدم بل هو العمود الفقري للتنمية والتطور، فلا تنمية ولاتطور إلا بتعليم متطور لأن التنمية ترتكز على توفر عمال وفنيين ومتخصصين في كل المجالات بدرجة عالية من المهارة ، وهؤلاء جميعاً هم نتاج التعليم . فإذا كان النظام التعليمي لأي بلد متخلف فإن مخرجاته ستكون متخلفة بلا شك. والتعليم اليمني حالياً بكل مراحله تعليم متخلف وتؤكد ذلك التقارير الدولية والمحلية ولابد من ثورة في كل مكوناته ، فكما قامت ثورة 11فبراير ضد النظام السياسي والفساد داخله ، لابد من ثورة داخل النظام التعليمي وما يتصف به من فساد. الدولة المدنية الحديثة مطلب الجميع اليوم والتي ضحى من أجلها الشهداء، لن يكتب لها النجاح إلا بإحداث تغيرات عميقة في النظام التعليمي ابتداءً من التعليم المدرسي ومروراً في التعليم الثانوي والفني والأهلي والخاص إلى التعليم العالي.. قد يقول قائل: الآن نحن بحاجة في المجتمع إلى الأمن إلى مواجهة البطالة إلى مواجهة الثالوث ( الفقر، الجهل ، المرض). نعم تلك حقيقة ولكن الأهم من ذلك في نظري هو خلق نظام تعليمي كفء.. لأن التعليم الكفء هو الأمن الحقيقي للأمة وبه تحل مشاكل البطالة ، وعن طريقه ستزدهر التنمية والاستقرار الإقتصادي. الدول المتقدمة .. تقدمت وتحركت عجلة التنمية فيها عندما تحرك التعليم لأنه الزيت الذي ترتكز عليه حركة التنمية في أي بلد. أما الدول المتخلفة .. تخلفت لأنها جعلت التعليم وراء ظهرها واهتمت حكوماتها و قاداتها بأمور أخرى ، فبعضها اهتمت بشراء الأسلحة الفتاكة ، وبعضها أنفقت الأموال في دعم الجماعات المتطرفة ، وبعضها أنفقت الأموال على الحفاظ على كرسي الحكم وشراء الذمم وبناء القصور المزخرفة ، وكان ذلك كله بأموال الشعوب التي لو كانت وجهت إلى التعليم لكان حال هذه الدول في مكانه أعلى من الدول المتقدمة ، وعندنا في اليمن كغيرنا من الدول المتخلفة أنفقت أموال الشعوب على كل ذلك ... وبقي النظام التعليمي متخلفاً لعدم توفر الإمكانات ، فالجامعات تشكو من النقص في كل شيء لا وسائل ولامعامل ولا اعتمادات للبحث العلمي، ولا اعتمادات لخدمة المجتمع ، ولاأنشطة طلابية ... الخ ، كل هذا بسبب نقص الامكانات وفي التعليم الأساسي أو الثانوي ، كذلك هناك مشكلات كبيرة بسبب عدم توفر الإمكانات وهي أن أموال الشعب ذهبت إلى غير محلها وبعيدة عن التعليم وعن بناء الإنسان .. اليوم : لانريد شراء أسلحة بأموال الشعب ، لانريد بناء كباري وأنفاق، لانريد شراء أحدث السيارات الفارهة ،لانريد بناء العمارات العملاقة ، نريد أن ننفق أموال الشعب على التعليم وعلى بناء الإنسان ، لأن الإنسان هو هدف التنمية وهو وسيلتها ، فهل من مدكر..؟ * نائب عميد كلية التربية – جامعة تعز