دأبت الآداب المسيحية على مراجعة أصولها التاريخية والنصية بطريقة أفضت إلى خلافات متواترة على مر الزمان،. حتى أن المسيحية التاريخية المتوارثة تكاد أن تتحول إلى أديان تتفرق في أصولها وفروعها، فيما تستمر في فقه المراجعة لتطال الحقبة الأصلية للمسيحية السوية التي لا غبار عليها، بوصفها الأساس المكين لهذه الديانة السماوية ، ومما لا جدال فيه أن فقه المراجعة لا ضير فيه، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمقدمات التاريخية لانبثاق الأديان، فالمعروف أن تباشير الظهور للأنبياء من المقدمات التي تمهد لعهد جديد في تطهير الأديان مما طالها من تفاسير وانحرافات عن سوية التوحيد، ولهذا يرد وصف أنبياء بني إسرائيل فيٍ القرآن الكريم بوصفهم مسلمون ، كما تتمسك بعض الفرق المسيحية التاريخية بالتوحيد النقي ، كما هو الحال بالنسبة للنساطرة العيسويين الرافضين لفكرة الأقانيم الثلاثة، والقائلين بالتوحيد الخالص. كان ظهور عيسى عليه السلام محفوفاً بمقدمات وإشارات ومقامات، فلما ولد بمعجزة إلهية نطق في المهد ليصعق حاخامات اليهود في دين الشريعة الوضعي ، وخلال حياته القصيرة قبل أن يرفعه الله إليه ظهرت معجزات العلاج على يديه وإحياء الموتى، حتى استوهم البعض أنه ابن الله ، فوقعوا في ذات الضلالة التي وقع فيها المنكرون له ، ولكن من حيث لا يدرون ولا يحتسبون . مراجعة الآداب المسيحية لتاريخهم الديني ينطوي على بعدين أحلاهما مر، فإما نكران ما علم من تاريخ المسيحية بالضرورة، وإما الإبقاء على الثوابت المفاهيمية التي ترسخت بقوة دفع الشريعة المسطورة من قبل «بوصل الرسول» وأتباعه الميامين . ذلك أمر لا يطال المسيحية فقط، بل كل الأديان. [email protected]