يمثّل الجهل بالدستور والقانون في الحياة السياسية اليمنية حالة خطرة في ظل التعددية السياسية وخصوصاً عندما يكون الجهل لدى القوى السياسية التي تمارس العمل السياسي، ولعل المتابع لحالة الجهل بالدستور والقانون سيجد أمامه نوعين من الجهل، الأول طبيعي وفطري ناتج عن عدم توفر الرغبة لدى الأفراد لمعرفة الدستور والقانون ونتيجة لتقصير من الجهات المعنية بنشر الوعي المعرفي بالجوانب الدستورية والقانونية، وهذا النوع رغم آثاره السلبية الخطيرة التي تكمن في أن المواطن الذي يجهل الدستور والقانون يكون فريسة سهلة ينقاد وبسرعة لأصحاب الأهواء والنزوات الذين لا يريدون نظاماً ولا دستوراً ولا قانوناً. أما النوع الثاني من الجهل بالدستور والقانون فهو متعمد ويكمن في رغبة بعض القوى السياسية الرافضة للحياة السياسية القائمة على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة والتي لا تقبل بالطرق السلمية للوصول إلى السلطة نتيجة لفشلها وعدم قبول الشعب بأفكارها وقياداتها، ولذلك تتعمد الجهل بالدستور والقانون وتسعى إلى تجهيل الناس بصورة مباشرة، وتوهم الناس بعدم الشرعية الدستورية والقانونية، وهذا النوع الأشد خطراً على حياة الناس السياسية والاجتماعية، لأن الجهل بالدستور والقانون يتيح لها تحريك الغوغاء والبسطاء من الناس لإحداث التخريب والتدمير كوسيلة تمكن تلك القوى الفاشلة من الوصول إلى السلطة، لأن هدفها هو الوصول إليها بأي ثمن لفرض الهيمنة والجبروت على الناس بالقوة والسطو على خيرات البلاد والعباد. أما الأكثر خطورة في الجهل بالدستور والقانون عندما تكشف الدراسات العلمية أن هيئات رسمية تتبنى مشاريع أو مسودات مشاريع لقوانين وتتجاهل الأسس الدستورية والحدود الشرعية وتريد فرض ذلك على المجتمع نزولاً عند رغبة أشخاص محدودين لا يؤمنون إلا بما يرونه، ولا قيمة للرؤى الوطنية والدينية والإنسانية على الإطلاق. إن الدراسات الأكاديمية قد فضحت خلال الأيام القليلة الماضية خطورة التعمد للجهل بالدستور والقانون وبينت بجلاء النزعات الفردية والفئوية والحزبية التي يراد فرضها على البلاد والعباد، ولعل هذا الوعي الأكاديمي كان البوابة التي تسعى إلى تنوير المجتمع بأهمية الوعي بالدستور والقانون ليقف المجتمع على حقيقة الأمور بإذن الله.