يظل الإنسان وحقوقه وحرياته، محوراً رئيسياً لنضال أي شعب، وسراً صميمياً لأي ثورة تندلع من أجل التغيير. ومهما يكن من تعدد المشكلات، وتنوع الحلول، فإن القاسم المشترك هو الاهتمام بالحقائق الكبرى التي يعيش عليها المواطن في حياته الروحية وحريته الشخصية وظروفه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في إطار المجتمع، لبلوغ تحقيق أحلامه في مجتمع تسوده الحرية والمساواة والعدل والانعتاق النهائي من القوانين والقواعد الظالمة التي سُخرت لخدمة طبقة على حساب طبقة أخرى أو سيطرة فئة أو حزب على مقدرات ومصائر المواطنين جميعهم.. فلم تكن مشاكل الناس الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية منسقة في نظريات أو اتجاهات واضحة، وإنما هي ممارسة ظرفية هدفها المناداة بالحرية والعدل والمساواة ورفع الظلم والاستعباد عن الناس وخلق واقع جديد بعيداً عن كل ما يرسّخ مظاهر التسلط والقهر والظلم والتخلف والديكتاتورية والاستغلال التي يعاني منها المجتمع المبتلى بالتفوق الطبقي، وضعف الحراك الاجتماعي، والتفرقة الجهوية كما هي التفرقة بين الرجل والمرأة، وعدم الاستقرار السياسي والتكامل الاجتماعي، وغياب العقلانية والموضوعية في اتخاذ القرار السياسي بتسلط فرد أو جماعة أو طبقة أو حزب على مقدرات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي إلى انفصال بين الحاكمين، ممن بيدهم سلطة القرار، والمواطنين المحرومين والمحكومين، وانعدام المشاركة السياسية وغياب الحقوق وغيرها من المعوقات التي يجب أن تغادر حياتنا، ويجب أن تختفي عندما يباشر المواطن ممارسة حقوقه وحريته وسلطته دون أي قيد..! واتساقاً مع ذلك ينبغي أن يرتبط الفكر الجمهوري الجديد في عهد ثورة التغيير بترسيخ حقوق الإنسان، بحيث تصبح هذه الحقوق مقوماً أساسياً من مقومات الجمهورية وتكريسها مبدأً أساسياً من مبادئ الجمهورية وذلك بتضمينها، صراحة، في أحكام الدستور وفي التطبيق العملي والممارسة. ولابد أن تضمن الجمهورية الجديدة الحريات الأساسية وحقوق الإنسان في شموليتها وتكاملها وترابطها، كاملة؛ المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالحقوق المدنية والسياسية لا معنى لها إذا تخلت الدولة عن واجب قيامها بحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. كما أن علينا أن نتنبه إلى خطورة المفاضلة في الحقوق كونها تنطلق من شمولية القيم والمعايير، فلا انتقاء ولا استثناء. [email protected]