لا أزال أعيش حالة الصدمة التي تنتابني كل لحظة كما تنتاب كل أبناء الشعب اليمني على إثر تلك الفجيعة والمجزرة البشعة التي نفذت الأسبوع الماضي في حق إخواننا من أبناء القوات المسلحة والأمن في يوم عيدهم وفرحتهم بوحدتهم المباركة، الأمر الذي جعلني أتردد كثيراً عن الكتابة والتعليق حول هذه الحادثة المؤلمة؛ وسبب هذا التردد هو أنني وحتى اللحظة لا أستطيع أن أتصور أو أتخيل أن هذه الجريمة تم التخطيط والتنفيذ لها من قبل أفراد مؤمنين موحدين بالله.. وينتسبون إلى هذا الدين وإلى هذه الشريعة السمحة التي عنوانها: «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً». وجاءت الصدمة القاتلة أن من نفذ هذه الجريمة هم أناس ينتسبون أو يقال عنهم أنصار الشريعة. أنا لا أدري عن أي شريعة يتحدث هؤلاء القتلة؟ وعن أي دين هذا الذي يسمح بقتل النفس المؤمنة ظلماً وعدوانا؟.. كم كان الموقف صعباً ومحزناً وقاسياً والجميع يشاهد الطريقة والأسلوب الإجرامي الذي نفذت به العملية، فكلما رأيت تلك الصور المفجعة لجنودنا وإخواننا الأبرياء تنتابني حالة من الغثيان على هذه القلوب الباردة والعقول السقيمة التي قتلت هؤلاء الأبرياء. يا الله كيف تهنأ نفوس هؤلاء وتستريح ضمائرهم إن كان لديهم ضمير وهم يرون هذه الأشلاء وهذه الأجساد المقطعة تتطاير في الهواء!! لا أدري كيف ستقابلون الجبار المنتقم حينما يسألكم عن سبب قتلكم لهذه النفوس المحرمة البريئة؟!. يا من تسمون أنفسكم بأنصار الشريعة أرجوكم أن تردوا على كل تساؤلات الشعب اليمني المكلوم على أبنائه: ما هي الأهداف التي حققتموها من وراء هذه المجزرة البشعة؟ وما هي الرسالة التي تودون إيصالها لليمنيين من خلال هذه الجريمة التي أعلنتم مسؤوليتكم عنها؟ ما ذنب هؤلاء الأطفال الذين شهقت أصواتهم عاليةً وهم يرون جثث آبائهم ممزقة ومبعثرة؟. إن كان لديكم إحساس قدموا ولو دليلاً واحداً أو تفسيراً فلسفياً لسبب تبنيكم لهذه الجريمة الشنعاء.. ومن هو المستفيد من هذا الحمق الذي ترتكبونه في حق شعبكم؟. يجب أن تدركوا أيها المخدوعون أننا في بلد قال عنه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وهو يتحدث عن رقة ولين أهل اليمن:«الإيمان يمان والحكمة يمانية»، فأنتم لستم أوصياء على هذا الوطن، وليس لديكم تفويض من أحد بتحريره كما تدّعون من طواغيت الأرض. فديننا الذي نعرفه ونؤمن به ليس دين قتل وعنف وسفك للدماء.. ديننا الذي نعتز بالانتماء إليه يعلمنا أن قتل النفس كبيرة تلي الشرك بالله.. وأن الله وحده هو واهب الحياة، وليس لأحد غيره أن يسلبها إلا بإذنه.. وكل نفس حرام لا تمس ولا يعتدى عليها.. فشعوبنا اليوم عرفت الطريق نحو التغيير بأسلوبها وطريقتها التي تختلف تماماً عن طريقتكم وأسلوبكم الدموي الذي أثبتت أيام الربيع العربي فشله بامتياز. يجب عليكم يا من تنصبون العداء لبلدكم ولإخوانكم أن تتصالحوا أولاً مع دينكم، ومن ثم تفتحوا قلوبكم وعقولكم للحوار وعرض حججكم إن كانت لديكم حجج لتخرجوا أنفسكم من خنادق الباروت التي وضعتم أنفسكم فيها إلى واحة الأمن والسلام. ختاماً أقول لكل المغرر بهم التائهين وراء فتاوى القتل والتفجير: إن هناك الآلاف من أكف المكلومين ترتفع كل لحظة من ليل أو نهار إلى ربها تطلب منه الانتقام ممن قتل أبناءهم وشرّد أسرهم وأن يذيقه سوء العذاب.. فهل تتمنون أن تصابوا بسهام هذه الدعوات المحروقة فيصيبكم الله من عنده؟!.