توجيه وزارة الداخلية الأحد الفائت ب «ملاحقة وضبط مطلقي الرصاص والألعاب النارية في الأعراس» ساذج، يكشف عورة الوزارة وعجزها في اتخاذ القرار، فالتوجيه يشبه تلك السذاجة التي كان يقدمها النظام السابق لمعالجة إشكالات الفقر والعوز الاجتماعي، حين كان يشكل “استراتيجية وطنية للتخفيف من الفقر” وينفق عليها ملايين الدولارات، كانت تكفي لإشباع الناس، ثم أنه لم يكن يضمّن خطته الاستراتيجية محاسبة من أفقروا الناس، ونهبوا ثرواتهم، ولا يتخذ قرارات حاسمة في ترشيد الانفاق، إنما يتخذ خطة تمكنه من أكل أموال المانحين باسم الفقر والفقراء. توجيه وزارة الداخلية بملاحقة “مطلقي”.. وهذه المفردة الدقيقة لغوياً كانت بحاجة للمراجعة إدارياً وأمنياً، فمئات الأعراس تقام في اليوم الواحد في كل اليمن، خاصة في فصل الصيف، فكم ستلاحق الداخلية من “مطلقي”!!. الأولى يا سيادة الوزارة أن تلاحقوا “موردي” بدلاً من “مطلقي” ابحثوا عن التاجر والمستورد، واقتلعوا الفساد من جذوره، طمئنوا الناس أنه انتهى زمن “تجارة الكبار”، وتعرفون جيداً أن الألعاب النارية وصلت خطورتها أكثر من خطورة أسلحة تنظيم القاعدة، وتعرفون أن كبار الضباط في الحدود البرية والبحرية هم من التجار والمستوردين، ومنهم من يكتفي بالتواطؤ وتسهيل التهريب، مقابل عمولات تسيل اللعاب. على وزارة الداخلية أن تراجع سجلات البحث الجنائي لمعرفة كم عدد المتوفين والمصابين وذوي العاهات الدائمة التي سببتها الألعاب النارية، خاصة من الأطفال... أتذكر في سادس أيام عيد الفطر قبل ست سنوات أن الفضائية اليمنية عرضت سبعة أطفال فقدوا أعينهم نتيجة ألعاب “المسدسات”، التي تقذف حبة بلاستيكية صلبة، وبقوة عالية، - وهي ألعاب تشبه المسدسات الروسية في طريقة استخدامها - بينهم طفل فقد عينيه معاً، وال7 الأطفال كانوا في مستشفى واحد بالعاصمة، لم يخطر في ذهن الداخلية حينها كم عدد الأطفال الذين شوهتهم الألعاب النارية في كل اليمن، وأي جيل مشوه تنتظره البلاد من أبنائها. في أواخر رمضان قبل الماضي أفزعتنا قنبلة في بوابة جامع الحسين بصنعاء، وقت صلاة التراويح، ظننت أن أحداً ما مستهدف وأن حظاً سيئاً قد جعلني أقف إلى جواره... تطاير الناس بفزع، وضحك الأطفال بصوت لا يخلو من مرح ولؤم.. لم تكن “القنبلة” غير لعبة نارية على هيئة قنبلة “أبوعنقود” يتم سحب “الحلقة” وقذفها، ثم تنفجر برعب كبير. “القنبلة والمسدسات والآلي” الذي تشبه طريقة استخدامه الكلاشنكوف، شجعت أطفالاً كثيرين على استخدام أسلحة فعلية لذويهم، وتسببت بضحايا كارثية. لا يمكن لوزارة الداخلية الكشف عن حقيقة أرقام ضحايا الألعاب النارية، لأن ذلك سيكشف العورة “الداخلية” للوزارة التي تعودت الحشمة منذ عرف الناس أول وزارة للداخلية والأمن العام بعد ثورة 1962. لكن ذاكرة الناس لن تنسى أبداً أن 10 قتلى و 20 جريحاً و 5 منازل تهدمت، كل ذلك في انفجار مخزن للألعاب النارية بمنطقة المسبح بتعز، فجر الثاني من مارس 2010. [email protected]