شرّف الله أمة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بأن رفع قدرها ومقامها في كل الأحوال. ولعل آية الإسراء والمعراج ما يؤكد ويثبت أن الله عز وجل قد جعل هذه الأمة في مقام رفيع، وفضلها على كثير ممن خلق تفضيلاً؛ لأن آية الإسراء والمعراج فيها تبيان صريح بأن رسالة الإسلام هي الرسالة الخاتم, استدعى الله نبيها إلى سدرة المنتهى، ليجعله خاتم الأنبياء، ويجعل شرعته الإسلام خاتمة الشرائع. كأن هذه الآية المبصرة تقول للناس: إن دين الإسلام مشرف كريم، قدم صاحبها سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام أوراق اعتماده إلى أعالي السماوات؛ لتكون رسالته لا كالرسالات، إنها رسالة شرف وتكريم, رسالة علو وسمو ورفعة على المستوى المكاني والزماني, كأن وحى السماء لا يهبط على الأرض وحسب، ولكنه يصدر عن السماء إلى السماء، (ويا محمد هذا العرش فاستلم)!! في الإسراء - كما في المسانيد الصحيحة - صلى الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بالأنبياء قبله, وفي هذا يقول العلماء: إن الأنبياء يعدون من الصحابة، وفي آخر سورة آل عمران توكيد لهذا المعنى, فلقد أخذ الله العهد على الأنبياء والرسل قبل أن يخلقوا أنهم سينصرون الرسول الكريم، وسوف يؤمنون به، ولعل الرسالة الخاتم تشمل هذا المعنى الخطير. إن الأفكار تتوارد وتنثال انثيالاً حين نذكر هذه المناسبة ونحاول نقرأ معانيها الظاهرة والباطنة؛ فلقد فُرضت في هذه الرحلة القدسية المباركة أعظم فريضة وهي الصلاة، هذه الصلاة التي لا تنعقد إلا بالفاتحة التي تشمل على آية: (الرحمن الرحيم)، فرسالة الإسلام عموماً ورسالة الصلاة خصوصاً هي الرحمة التي ينبغي أن تكون سلوك المسلمين جميعاً في كل زمان ومكان. كأن رسالة الإسلام رمز ليعلو المسلم ويرتفع في تفكيره وعقليته، كأن المسلم في مناسبة الإسراء والمعراج دعوة واضحة وصريحة ينبغي له أن يكون سامياً سمو السماوات الباذخة علو وارتفاعاً ونبلاً. إن الأمة الإسلامية كرمت بشخص أشرف الخلق هو سيدنا رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام. في اليمن يحتفل المسلمون بهذه المناسبة؛ فيصلون الأرحام، ويتناسون الثارات، وينتصرون للمظلوم, ويعطفون على الفقراء والمساكين والأيتام، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون). وأخيراً هنيئاً للأمة الإسلامية هذه المناسبة الغالية التي تحققت فيها أرقى مراتب القرب من الله لسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام؛ حيث اختصه الله بمرتبة العبودية (سبحان الذي أسرى بعبده)، فكشف له الحجب، وأطلعه على الغيب وشرفه، معتمداً نبياً ورسولاً لأكرم رسالة وأقدس نبوة. فاللهم زده شرفاً وفضلاً: مولاي صلّ وسلم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم، من كان أشرف الملائكة أخذاً بلجام براقه, نشهد أنه أدى الأمانة ونصح الأمة، والخائب الفاسق من ظلم من أمته ومن أسرف على نفسه بالبغي والعدوان.