كنتُ ضمن كثيرين تفاءلوا، وما زالوا، بحكومة الوفاق واستبشروا خيراً بقدومها، لكننا رغم ذلك وضعنا منذ البدء سيناريوهين لمدى نجاح أو فشل هذا التوافق. احدهما : أن تسعى الأحزاب التي انخرطت ضمن المبادرة الخليجية ونعني (المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك) أن تسعى إلى التنافس على احراز رضا الشارع من خلال تقديم الرؤى والبرامج بواسطة ممثليها من الوزراء في وزاراتهم وهذا يعني في النهاية نجاحاً لجهود هذه الحكومة مجتمعة. ثانيهما : أن تسعى هذه الأحزاب ممثلةً بالوزراء إلى عرقلة بعضها البعض وتسجيل النقاط على بعض، وهذا _ بكل اسف _ هو الحاصل اليوم. ما نلحظه يومياً من مناكفات ومزايدات بين تلك الأحزاب يبعث على التشاؤم وينبئ عن نوايا مبيتة منذ التوقيع على المبادرة الخليجية، هذه النوايا (غير الطيبة) تتمثل في كيف يثبت كلُّ طرف فشلَ الطرف الآخر، ما يعني فشلنا جميعاً وفشل حلم الدولة .. الدولة المؤسساتية التي حُرمنا من خيراتها طويلاً وحان الوقت لإقامتها. تعلمون أن موضوع الفشل ليس جديداً على دولة كاليمن صُنفت في أكثر من دائرة دولية بأنها ضمن الدولة الفاشلة، لكن المزعج هذه المرة في موضوع الفشل هو أننا مررنا بمشروع تغييري كبير يفترض ألا يهددنا بعده كابوس الفشل هذا. ثم أننا توصلنا بعد تضحيات جسيمة عمدها شباب اليمن بدمائه إلى تسوية سياسية اخرجتنا من عنق الزجاجة، وهذه التسوية جعلت الجميع شركاء في الحكومة ما يعني أن لا أحد يستطيع أن يزايد على أحد إلا بقدر ما يقدمه هذا أوذاك من مشاريع التنمية والبنية التحتية التي نفتقدها في أكثر من مكان على امتداد هذا الوطن. اليوم الجميع سلطة .. لا تصدقوا المؤتمر العام أنه بات خارج السلطة وأن مهمته اليوم تكمن في كيفية اثبات فشل المشترك وأن الأخيرين ليسوا رجال دولة بقدر ما هم خطباء مساجد وعاملون في جمعيات خيرية !! ولا تصدقوا المشترك أنه أصبح سلطة بيده الأمر والنهي؛ صحيح أنه يمتلك نصف الوزارة لكنه ليس لوحده. هو شريك لا أكثر ولا أقل. الدور يقع على عاتق المنظمات المحلية أكثر من غيرها في مخاطبة الجميع (مؤتمر ومشترك) باعتبارهما من يديرا البلد في المرحلة الانتقالية وعدم تصديق أن طرفاً خرج من السلطة وآخر حلّ محله. هذه حيلة مكشوفة وألعوبة تريد أطراف بعينها تمريرها علينا. في اليمن ليس هناك نظام سابق كما يقولون؛ هو هو ذات النظام وأضفنا إليه مجموعة من المعارضة ليصبح مزيجاً من السلطة والمعارضة .. أي حكومة وفاق وطني! ما يعني أن على الجميع في السلطة اليوم تحمّل مسئولياتهم تجاه هذا الشعب الذي كان له الفضل في رمي حجر الثورة في بئر السلطة الراكدة، انتج في الأخير قالباً اتسع لمشاركة جميع الأحزاب في إدارة الدولة وباستطاعتنا أن نحكم بالنجاح أو بالفشل على كل هذه الأحزاب من خلال تجربة هذين العامين من عمر الفترة الانتقالية .