رغم الأجواء الأمنية والسياسية الملبدة بالغيوم الا أن التفاؤل يزيح تلك الضبابية حيث ان العودة الى طاولة الحوار تعتبر خطوة متقدمة الى الأمام ، خاصة بعد تشكيل لجنة الاتصال وتواصلها مع معظم الأطراف ، وذلك على طريق حلحلة بعض العقد السياسية ، والتركات المؤلمة ، وتنفيس الاحتقان الذي يعيشه الشارع اليمني .. وانعقاد مؤتمر الحوار بين الأطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني ، يعتبر انتصاراً للنهج الذي يسير عليه رئيس الجمهورية ، وبداية خير في طي صفحة الماضي ودفعة قوية في تطبيق المبادرة الخليجية والتسوية السياسية ... والجميع يعلم إن الحوار المرتقب يسير وسط حقول متداخلة من ألغام الخلافات وصراع الأيدلوجيات ولكن المهم ان نبدأ .. ونلتقي ... ونتفاهم على ثوابت الوطن وما بقي نختلف عليه أو نتفق .. ان نجاح فرصة الحوار التاريخية ، واكتمال اللحمة بين ابناء الوطن الواحد ، يتطلبان الكثير من الحنكة والروية ، من جميع الأطراف ، حتى يصل مشوار الحوار إلى أهدافه المرجوة ، والتي يجب ان نصب جميعا في تلك الأهداف ، ومنها تعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق مطالب الشباب المتطلع الى غد أفضل . وثمة مؤشرات قوية بل تدعم توجهات القيادة السياسية في تهيئة الجو الملائم والمناسب لإنجاح هذا الحوار .. ومن هذه المؤشرات رعاية المجتمع الدولي بأكمله لهذا الحوار ووصول الأطراف المتباينة في الساحة الوطنية الى قناعة أنه لا بد من الالتقاء وطرح كل المسائل تحت مظلة الحوار ... وبغض النظر عن التباينات الحاصلة حول أولويات الحوار ، ومن يشارك ومن لا يشارك والشروط التي قد يتحجج بها البعض ، لابد من التوافق الواضح والسريع على بنود أساسية بل ومصيرية منها أن يكون الحوار تحت سقف الوحدة اليمنية وان يرفض الجميع الإرهاب ويدينه وان يعقد جميع الأطراف النية الصادقة لبناء اليمن الجديد ... وغني عن القول: أن مثل هذه البنود الوفاقية أن تنقل الحوار إلى رحاب واسعة من الارتياح والطمأنينة وتجدد الثقة بين أطراف العمل السياسي وتسعد أبناء الشعب ، الذين يعيشون اياما مفعمة بالتفاؤل والتطلع الى المستقبل الواعد... ولا نغالي ان قلنا: ان التقاء أطراف الحوار على هذه الثوابت من شأنه ان يساعد على فتح أبواب التوافق على العديد من البنود الفرعية لعل في مقدمتها توحيد الجيش وبناء الاقتصاد وتحديد النظام الانتخابي ، ومحاربة الجريمة والحد من انتشار السلاح ، ولقد أثبتت أحداث وتطورات الفترة التي تعطل فيها الحوار ، وساءت فيها القطيعة ، وتباينت فيها الآراء انه لا مناص لنا إلا بالتواصل والبحث في القضايا العالقة بكل روية ومسؤولية .. وينبغي على الجميع ان يدركوا أن المسألة وفاقية ، وان اليمن أغلى من المطامع الشخصية الضيقة ، وان يدركوا كذلك أن بصماتهم ستحفر في قلوب وعقول اليمنيين وستسطرفي كتب التاريخ بأحرف من نور .. وينبغي كذلك ان نثق بأنفسنا ولا نتوقع ان «خاتم سليمان» بيد طرف من الأطراف ، لأن المرحلة تتطلب الجدية والطرح المسئول البناء هذا اذا أردنا التقدم والرقي لوطننا المعطاء ..