تعز تجمُع و وطن مدني فيه كل اليمنيين ، ليس فيه مكان لمن يريد أن يدمر مَدَنِيّتَه ، وبيت للأحرار والثوار والمناضلين ، ومدينة تزَوُّد وإعداد خطط واستراتيجيات الثورات ، فيها التنوع والتباين السياسي ، لعبت دوراً رئيساً في تشَكُل حكومات وأنظمة ما بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر ، ويجب أن تلعبَه في تشَكُل حكومات اليوم والمستقبل ، فهي محافظة كل اليمنيين من المهرة حتى الحديدة ، ومن صعده حتى عدن، أبناؤها في كل المحافظات ، عانوا الكثير منذ أحداث أغسطس 1968 م وحتى اليوم ، مشكلتهم أنهم ينشدون «الدولة المدنية الحديثة» . تعز اليوم ، تنتصر لليمن كلِّه ، في ظل تحولات ومتغيرات محلية ، إقليمية ، ودولية ، وثورات الربيع العربي، فأيُّ طرف سياسي «غبي » هذا الذي يريد لها الدمار ؟ ، وأيُّ إبن بار محسوبٍ على أهلها يريد أن تبقى تعز تُعاني حرمان الخدمات والأمن والاستقرار ؟ ، وأيٌّ قياديٍّ من عشائرها أو من العشائر اليمنية ، يريد أن تبقى هذه المدينة والمحافظة في ظل ممارسات ومظاهر خارجة عن النظام والقانون ، وبعد أن بدأَ التحول والتغيير يأخذان طريقهما إليها، مع إختيار وتعيين محافظٍ لها من أبنائها . «عَيْب يا خُبْرَة» الأمن والجيش في طريقهما إلى الهيكلة ، والكلُّ متجهٌ نحو “ مؤتمر الحوار الوطني “ ، أين أنتم من هذا ؟!. تعيينُ شوقي أحمد هائل محافظاً لمحافظة تعز، لقيَ مباركةَ كلِّ القوى الاجتماعية والسياسية ، بما فيها الأحزاب والتنظيمات السياسية والمستقلين ، ومنظمات المجتمع المدني ، خفف من معاناةِ أهلِ تعز قبلَ أن يُباشرَ عمله، عزز ثقة الناس أكثر باستقلالية قرارات رئيس الدولة ، أعطى آمل بإمكانية التحول والتغيير ، إجماع يعود الى اعتبارات عِدة ، منها : على غير العادة ، فإنه لم يكن لمراكز القوى وأصحاب المصالح دورٌ في الاختيار والتعيين ، غيرَ محسوبٍ على طرف سياسي ، كونَه من مجموعة تجارية ، تُمثل إحدى دعائم الاقتصاد اليمني ، وكونَه ينتمي الى الإدارة الحديثة ، عوامل نجاح تُمكِّنه من إحداث تنمية محلية مستدامة ، بشرط أن تُعَزَّزَ بتفويضٍ مركزي كاملِ للصلاحيات والاختصاصات بما فيها الأمنية والسياسية . وتجسيدُه لهذه الثقة ، مُباشرةً بدأَ محافظُ تعز ممارسةَ نشاطِه ومهامِّه ، في ظلَّ وضعٍ مُعقدٍ ، اختلالاتٌ أمنية ، وإدارية ، غيابُ الخدمات ، غيابُ العمل المؤسسي ، مظاهرُ مسلحة ، صراعاتٌ عسكرية وسياسية .. الخ ، بدأها بخطوات وإجراءات ومعالجات أمنية وإدارية ، وتوفير سلع وتقديم خدمات ، استحسنتها المحافظات ، ولفتت إنتباه المجتمعات المحلية فيها ، وشكلت عامل ضغط على المحافظين والسلطات المحلية نحو اتخاذ إجراءات وخطوات من شأنها إصلاح الأوضاع فيها ، إقتداً بمحافظ تعز .
ففي محافظةِ إب «مثلاً» بدأ يتشكل ضغطٌ مجتمعيٌّ ، مطالباً السلطةَ المحلية بإصلاحات أمنية وإدارية ، على غِرار ما يحدث في تعز . وهنا تتجسد إيجابيات اللامركزية ، - في حالة التطبيق الأمثل لها – حيث يحدث ما يشبه التنافس بين الوحدات الإدارية على إحداث وإيجاد الأفضل . فحكاية “ المَقَصّ “ وهو الآلة التي يتم بها إتلافُ السلاح «الكلاشنكوف» للتخلص من مظاهر مسلحة غير قانونية في مدينة تعز ، تُمَثّل « مادةَ نقاش» في جلسات المقيل واللقاءات في محافظة إب ، همس أحدهم حينئذٍ في أُذُني وقال لي “ أتمنى أن يكون هذا العمل – بقصد محاربة المظاهر المسلحة غير القانونية – ممثلاً لتوجهٍ عام للسلطات المركزية والمحلية ، في إطار عمل مؤسسي وفي إطار دولة النظام والقانون ، فمع إحترامي لمحافظ تعز ومن معه ، فإن الانضباط الأمني الذي تشهده مدينة تعز ينتهي عندما تستنفد الاعتمادات والمخصصات التي يوظفها المحافظ لمواجهة مثل هكذا مظاهر وممارسات خارجة عن النظام والقانون “ . فما الذي جعل هؤلاء النفر من الناس أياًّ كان من أبناء تعز أو من محافظات أخرى يريدون تعز مدينة مُدمَّرة ، تفتقد للأمن والاستقرار وللخدمات ؟ بعد أن كان الفرح قد عم أهلَها ، وبخطوات وإجراءات أتخذها محافظ المحافظة في إتجاه التحول والتغيير . بإعتقادى ، لا يكفي أن يتم إختيار وتعيين محافظ لمحافظة ما ، لمجرد أنه ذات قدرة وكفاءة ، وأنه مستقل بقراراته ، ويحظى بتأييد شعبي ورسمي ، ومباركة الأحزاب والتنظيمات السياسية ، ومنظمات المجتمع المدني ، ومميزات أخرى ، في الوقت الذي فيه تحتفظ الحكومة المركزية بمعظم السلطات والصلاحيات والاختصاصات. - منها ما هو ذات شأن محلي – وتفتقد الأجهزة التنفيذية والإدارية المحلية إلى أبسط مقومات العمل المؤسسي ضمن سياسات وتوجهات مركزية تُمارَس منذ عقود من الزمن ، لا يكفي لإحداث إصلاحات وتحول في المحافظة ، ما لم يرتبط ذلك بدعم الحكومة المركزية ، وتوجه الدولة والحكومة نحو العمل المؤسسي – كثقافة – والابتعاد عن الشخصنة في المؤسسات والمنظمات العامة ، ومنح المحافظ صلاحيات واختصاصات ، تمكنه من إدارة وقيادة الوحدات الإدارية بفاعلية وكفاءة ، فلنحافظ على ريادة المحافظة . برقيات : الأخوة / رئيس وأعضاء الحكومة : اليمن يمر في وضع استثنائي : “ مبادرة خليجية “ وآلية تنفيذية مُزمنّة لها ، وانتقال سلمي كامل للسلطة ، تُعطيكم مشروعية تفويض محافظ تعز صلاحيات واختصاصات إضافية ، تمكنه من إحداث تحول وتغيير في المحافظة ، واعتبار تعز أنموذجاً لممارسة « الحكم الرشيد». الأخ / محافظ تعز : اليمن تتجه نحو إقتصاد السوق ( الاقتصاد الحر) ، ضمن تحول إقليمي ودولي ، والمطلوب هو فتح قنوات مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ، تجسيداً لمفهوم “ الحكم الرشيد “ . عدد كبير يريدون الالتحاق في الوظيفة العامة ، من هؤلاء عمال “ النظافة والتحسين “ بالمحافظة ، يمكن تشكيلهم في منظمات خدمية أهلية ( شركات نظافة ) ، تُموَل عبر البنوك والمصارف الداعمة للمشاريع الصغيرة ، لتحقيق أكثر من بُعد : تحسين وضعهم المعيشي مقارنة بما يمكن أن يحصلوا عليه في الوظيفة العامة ، تجنُب التوظيف الدائم الذي أرهق الجهاز الإداري للدولة والخزينة العامة ، رفع مستوى جودة الخدمة، والدخول في شراكة مع منظمات المجتمع المدني . وبالمثل يمكن إيجاد منظمات أمنية خاصة لتحقيق نفس الغرض .