يخطئ كثيراً من يعتقد أن في إعادة هيكلة القوات المسلحة تصفية حسابات بين أشخاص أو جهات أو تلبية لرغبات أو استجابة لأهواء ونزوات..! ويخطئ أكثر من يعتقد أن في القوات المسلحة ما يمكن اعتباره ملكاً خاصاً، هو وحده المخول رعايته والتصرف به!!.. فالقوات المسلحة بكل مقوماتها البشرية والمادية ملك الشعب وفي خدمته ورهن إشارته للدفاع عن سيادة وطنه وحفظ كرامته وحرية وحقوق إنسانه، وهي الحارس الأمين لمعتقداته ولأهداف ومبادئ ومنجزات ثورته، وهي المعبر عن إرادته وتطلعاته المشروعة. والقيادة العسكرية العليا هي وحدها المخولة قيادة هذه المؤسسة الوطنية الحساسة، وهي المعنية بل والمسؤولة أمام الشعب وهيئاته الرسمية عن إعدادها الإعداد السليم الذي يمكنها من الاضطلاع بواجباتها وتنفيذ مهامها الوطنية الجسيمة، على الوجه الأكمل والمشرّف. على هذا الأساس من الشرعية والقانونية ومن منطلق النهوض بالمسئولية الوطنية وبدافع من الشعور الوطني الصادق والمخلص صدرت قرارات رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة الأخ عبدربه منصور هادي بشأن إعادة هيكلة القوات المسلحة وهي ذاتها القرارات المعبرة عن الإرادة الشعبية والترجمة الفعلية لما اجمعت وصادقت عليه القوى السياسية الوطنية في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وباركتها الجهات الاقليمية والدولية. إن مفهوم إعادة هيكلة القوات المسلحة يجب أن يُفهم لدى الجميع بأنه يعني بالضبط إعادة بنائها على أسس وطنية سليمة تضمن وحدة صفها وواحدية ولائها كضامنين أكيدين لعدم انزلاقها إلى مهاوٍ غير محمودة العواقب، وكخطوة أولى وضرورية على طريق تحديثها الذي يكفل مقدرتها على الاضطلاع بمسؤوليتها الوطنية. بهذا الفهم الوطني الواسع وبهذا الإدراك الواقعي التام تكون إعادة هيكلة القوات المسلحة ضرورة وطنية وحتمية ملحة ليس المسؤول الوحيد عن القيام بها القيادة العسكرية العليا وحسب وإنما هي مسؤولية الشرفاء من عسكريين ومدنيين.. والمسارعة الى تنفيذ هذه المهمة الوطنية الجسيمة لا تعني مجرد التنفيذ الآلي لما جاء في المبادرة الخليجية وإنما تعني الاستجابة الضرورية والمسؤولة لمجمل المهددات الامنية الماثلة والمحتملة التي يحتل خطر الإرهاب رأس أولوياتها. وإن أي تقاعس او تلكؤ عن المبادرة الفورية والسريعة لتنفيذ هذه المهمة الوطنية العاجلة هو عمل غير مسؤول يضع صاحبه في دائرة الخيانة الوطنية العظمى التي توجب مساءلته ومعاقبته. والقيادة العسكرية العليا هي صاحبة القرار وهي من يمتلك الرؤية الأوضح والأصوب في اختيار الطريقة والبداية المناسبتين لإنجاز وإنجاح هذا المشروع الوطني التصحيحي التحديثي للمؤسسة الدفاعية تماماً مثلما تقع على القيادات العسكرية الأدنى على اختلاف مستوياتها مسؤولية تنفيذ وترجمة ما يصدر من قرارات وما يصل إليها من توجيهات وتعليمات في هذا الشأن. وإن على كافة منتسبي المؤسسة الدفاعية الأخذ بعين الاعتبار الصفة الانضباطية الصارمة المميزة لمن يخدم في القوات المسلحة ، ووجوب احترام الأقدمية والتراتبية القيادية والالتزام الصارم بما نص عليه القسم العسكري الذي أقسموه على أنفسهم دون إخلال أو تقصير. كما أن عليهم التزام الحيادية الكاملة من العمل السياسي وعدم الإخلال بولائهم الوطني الصادق وعدم الارتهان لأية ولاءات شخصية أو حزبية أو مناطقية أو مذهبية.. وإن على الجميع إعلاء مصالح الوطن العليا فوق أي مصالح أخرى وتمثل الوحدة الوطنية في أروع صورها وتجلياتها..!! ولقد علم الجميع العواقب السيئة المترتبة على مثل تلك الولاءات القاصرة.. وما أحداث العام الماضي عنا ببعيدة!!. [email protected]