المتنطعون بمختلف أشكالهم وأحجامهم واتجاهاتهم لا يمتلكون أدنى حقيقة من المعنى السامي للإنسانية.. مهما بدت أقوالهم وانفعالاتهم المؤقتة بدعوات الحفاظ على البلد.. فهم لا يريدون وطناً إلا وفق أهوائهم وأمزجتهم التي أنهكت ماضي اليمن وحاضره وتؤثث لخراب مستقبله. ولعلّ ما حدث ويحدث في هذا الشهر الفضيل من فوضى وتمرّد واستهجان بكل مقدرات الوطن خير دليل على أنّ التسامح مع من تأصّلت في نفوسهم الأباطيل العداونية لن تُجدي نفعاً.. ولن تؤدي باليمن إلا للمزيد من الويلات والدمار. ولهذا إن لم تحسم الحكومة تضخّم الانفلات الأخلاقي والأمني وتقطع شكّ الخوف بسكين الأمان فسنمضي إلى ما لانهاية من مرابض التمزق وأهوال الفواجع التي لن تُحمد عقباها. وسواء كان التشنّج الحاصل يستهدف إضعاف سلطة الحكومة وبعثرة كل الأوراق التي تطوي في سطورها المعنى الحقيقيّ للوفاق.. أو الاعتداءات المتكررة على مؤسسات الدولة وإشاعة الفوضى كنوع من الضغط على عملية التسوية السياسية في البلد.. فهو في مجمله استهداف أول وأخير لشعبٍ بأكمله.. وإفراغ ما تبقّى من عدة الألفة والتسامح.. لتتكاثر في طرقاته غزوات الشتات.. وقمع ما تبقّى من ولاءات حقيقية تسعى لإنقاذ الوطن. إنّ المتنطعين في المدار السياسيّ والعسكريّ يسعون إلى تحقيق أهدافهم الرخيصة بأبشع الوسائل القذرة.. ليبددوا آخر ملامح الوصول إلى تسويةٍ مجتمعية حقوقية وسياسية.. وفق ما تمليه عليهم آمالهم الشخصية وحساباتهم الداخلية والخارجية.. متجاوزين تماماً كلّ مقدرات الوطن.. وما ينبغى أن يكونوا عليه ليجنبوا البلد مهاوي الردى. وإن لم يضرب فخامة الرئيس بيدٍ من حديد.. ويوقف كل هذه الترهات الماحقة والمتجذرة في خلايا الوطن.. فسيكبر الوجع حتى تتضخم شرايينه.. وحينها لن تقوى السلطة ولا المجتمع المحلي والدولي من كبح جماح الأحقاد ومن ينهشون جسد الوطن تحت مبررات واهية.. وأيدلوجيات قميئة.. وصراعات باهتة هي أقلّ من أن تُذكر في قائمة مسار تحقيق التغيير على أكمل وجه. [email protected]