تحذيرات كثيرة تحت هذا العنوان صدرت من الدول الرئيسة المنتجة للقمح بحدوث مجاعة عالمية؛ بسبب نقص الإنتاج من القمح في كل من: روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية؛ لما أصاب عدة مناطق فيهما جفاف وعوامل جوية أخرى أوجدتها المناخات المتدهورة منذ عقدين من الزمان. والقارئ للعبارة يظن للوهلة الأولى أن الجوع سيهدد ملايين من المواطنين الروس والأمريكيين قبل أن يعرف بأن إنتاج روسيا العام الماضي كان مائة وثمانين مليون طن، وأن ما يستهلكونه لا يتعدى عشرة ملايين إلى خمسة عشر مليون طن، وما يتم تصديره أو تم تصديره إلى الخارج لا يقل عن مائة وخمسة وستين مليون طن، معظمه تستورده الدول العربية وفي مقدمتها مصر. والولاياتالمتحدة كانت ومعها كندا واستراليا احتلت المرتبة الأولى في الإنتاج والتصدير لعدة عقود، قبل أن تظهر روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في نهاية الثمانينيات، لم تعلن عن كمية إنتاجها للعام الماضي، مع أنها أيضاً أعلنت أن محصولها كان أقل من العام الماضي بنسبة العشرة بالمائة للأسباب نفسها أو أنها ستتأثر من التصدير إلى الدول الأخرى. وقد دبّ الذعر في الدول المستوردة والمعتمدة إلى حد كبير على البر الأمريكي أو الروسي أو الكندي أو الاسترالي، فارتفعت الأسعار وقل العرض قبل إبرام العقود بين المستوردين والمصدرين، بمعنى أن التجار اعتبروا أن التحذيرات بمثابة تسعيرة سريعة يعمل بها من تاريخ نشر التحذير، مما سيرفع أرباح التجار إلى أعلى رقم استغلالاً للفرصة، وكما جرت العادة في الدول التي تستورد الحبوب أكثر مما تنتج، ومازالت غير قادرة على تحسين الإنتاج وتطوير الزراعة؛ إما لنقص المياه والتمويل والخبرات أو لاستمرار المشاكل الداخلية من النوع الذي اجتاح العالم العربي في بداية عام 2011م، وما يترتب عليه من مضاعفات خطيرة جداً. وزيادة على ذلك تقوم الولاياتالمتحدة تحديداً باستخراج أنواع من الوقود من الذرة والصويا، وربما لحقت بها روسيا والدول الأوروبية وكذلك كندا واستراليا، ما أدى إلى تفاقم المشكلة، وإن كانت أمريكا مثلاً كانت في الماضي تحرق الفائض من الإنتاج أو تلقيه في البحر من أجل الحفاظ على الأسعار وإبقاء الطلب على الاستيراد قائماً كالعادة وبحسب الأصول والمواصفات غير القابلة للتعديل والتي يمليها المصدّر والتاجر المستورد بما يحقق الربح المهول للطرفين، ويبقى على حالة عدم الاستقرار في تجارة الحبوب وفي مقدمتها القمح على أشدها. فأين موقع اليمن من أزمة الجوع العالمي التي انطلقت شرارتها الإعلامية في الدول المصدرة، هل سنكون في وضع أسوأ مما نحن فيه والذي هو وكما وصف في الشهرين الماضيين أسوأ من وضع الصوماليين وأمثالهم في عدة دول أفريقية لا يجدون ما يأكلون في بعض الأوقات إلا عروق ولحاء الأشجار أو الحيوانات المحتضرة جوعاً وعطشاً ومرضاً؟.