هكذا بهذه النماذج المختصرة من الحقبة التاريخية للمعسكرين القطبين (الاشتراكي-الرأسمالي) نستطيع أن نصل إلى انطباع واستنتاج كاملين عن أفضلية النظام الدولي المتعدد الأقطاب.. ولأن العملية الديالكتيكية للسياق التاريخي تنتقل بالحضارة الإنسانية من حقبة إلى أخرى عبر متغيرات وتبدلات عصرية مواكبة،فإن حقبة النظام الدولي بالزعامة المنفردة للغرب-أمريكية لا يمكن أن تتكيف مع المتغيرات العصرية, ولا يمكن أن تكون مناخاً مناسباً “للعولمة”، فالهيمنة والعولمة نقيضان، وحينما تزول مظاهر الهيمنة والقوة تختفي معها ملامح النظام الدولي الأحادي القطبية، وتنشأ على أنقاضها ملامح نظام دولي ناشئ متعدد الأقطاب، ذلك هو عالم العولمة, تنمو وتتطور معه وفيه لتصبح سمة العصر..هكذا ومثلما كان الاستعمار سمة العالم بلا أقطاب، وكانت الأيديولوجيا سمة العالم بمعسكرين “اشتراكي-رأسمالي”..وأصبحت الهيمنة والقوة سمة العالم الأحادي القطبية, فإن العولمة بمفاهيمها الفكرية والاقتصادية.. إلخ هي سمة العالم المتعدد الأقطاب والكتل الكبرى..! أعتقد أن لدى القارئ.. من خلال المفاهيم والرؤى والتجليات التي استعرضناها في الحلقات السابقة يدرك أن العولمة القائمة على الهيمنة الأحادية للقطب الواحد هي نهاية لشكل اجتماعي تتراجع مقوماته تدريجياً ويصبح غير قادر على التماهي مع متغيرات العصر وتبدلاته.. وهي بهكذا مفهوم تتناقض مع كونها طوراً أرقى لشكل اجتماعي جديد للمجتمع الإنساني، أما عملية تسويق العولمة بمفهومها - اندماج وتكامل سياسي واقتصادي وثقافي- في ظل مناخ دولي نقيض لها يتمثل في تركيبة عالم الهيمنة (الغرب .. أمريكية) فهي في ظني لا تقل عن كارثة إنسانية تغتصب الفكر وتنسف القيم والمبادئ التي تقوم عليها حركة التاريخ بعد أن تشط بها بعيداً عن سياقها الطبيعي..! [email protected]