أقول: يبقى أن ننظر بعمق إلى أهمية تكامل وتناسق نشأة بذور العولمة مع اللبنات الأولى للنظام الدولي الناشئ والقائم على أنقاض النظام الدولي الأحادي القطبية، فمثل هذا النظام الدولي بأكثر من قطب وقوة سياسية واقتصادية وعسكرية هو في يقيني البديل الطبيعي للوضع الدولي المختل التوازن، وهو الذي يعيد الأوضاع إلى نصابها وسياقها الموضوعي ويكسب العلاقات الإقليمية والدولية توازنها الذي فقدته منذ انهيار المنظومة الاشتراكية،وانفراد الولاياتالمتحدةالأمريكية بالسيطرة على مفاصل الكيان العالمي برمته وفرض سياسة الهيمنة والاحتواء عن طريق القوة بمختلف تضرعاتها سواء العسكرية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الفكرية ..الخ..! وإلا كيف يمكن للعولمة بمفهومها، التجانس والتساوي والتفاعل والتكامل بين الدول والشعوب والمؤسسات وغيرها في إطار التأثر والتأثير المتبادلين.. كيف يمكن لمثل هذه “العولمة” أن تتكون وتسود في عالم يعيش تحت الهيمنة الامبريالية للزعامة المنفردة للولايات المتحدةالأمريكية؟. ونحن نعلم حجم المؤسسات الاقتصادية والمالية الكبرى التي تحتكرها وتتحكم بها وكذا القدرات العسكرية وكلها تكرًس لجذب شعوب العالم”الضعيفة” إلى أرصفة “ماكدونالد” ومن ثم تذويبها وإعادة صهرها في قوالب أمريكية تذوب فيها كياناتها وخصوصياتها، علاوة على الإمكانيات الثقافية والإعلامية وغيرها..فالولاياتالمتحدة تتحكم ب”65 %” من المادة الإعلامية في العالم.وهذا مؤشر خطير يبرهن على مدى هيمنة ونشر وتعميم القيم والتقاليد والثقافة الأمريكية وفرض سيادتها دولياً. [email protected]