الوجود العربي وجود كلي متكامل وليس وجوداً قطرياً متصادماً .. وهكذا يرتبط الأمن العربي، وجوداً وغياباً أو ضياعاً بالوجود العربي.. أي أن الأمن القطري للأقطار العربية .. لا يمكن تحقيقه إلا في ظل تحقيق الأمن القومي العربي.. هذه رؤية منطقية، وموضوعية، وعقلانية، وواقعية تفرضها الحتمية للموقع العربي “الجيو سياسي” الذي يتوسط العالم ويسيطر على أربعة مضائق بحرية، وتتوافر فيه أضخم ثروة نفطية.. كل هذه المميزات تجعل الوطن العربي عرضة لأطماع القوى الأجنبية في الغرب “الأوروبي ،والأمريكي الشمالي”. لقد وقع الوطن العربي محط أنظار القوى الطامعة، والقوى الكبرى منذ القدم “ الفينيقيون ، الفرس ، والروم ، قوى الاستعمار الأوروبي بريطانيا وفرنسا ، وإيطاليا ،ومن قبلهم العثمانيون، ومازالت الأطماع الأوروبية في الوطن العربي قائمة، إلا أنها أصبحت ذيولا للطامع الأكبر «الإدارة الأمريكية» وها هي البلاد العربية قطرية مفككة في ظل جامعة عربية تمزق ولا تجمع، تفرق ولاتوحد تتعرض لهجمة شرسة بتواطؤ ومشاركة ومساهمة ودعم وتمويل بعض أقطار النظام العربي المتهالك وهي هجمة شرسة تأتي وتنفذ تحت يافطات وعناوين ظاهرها الخير وباطنها الويل والثبور، وعظائم الأمور للعرب .. إن ما يواجهه النظام العربي المجزأ، هو مؤامرة “سايسبيكو” جديد تعيد أيضاً تجزئ المجزأ، بعد أن نفذت مرحلة التجزؤ الأولى “ سايس بيكو” بعد الحرب الكونية في النصف الأول من أسرية، وعائلية، ومناطقية، وقبلية، ومذهبية، وطائفية، وجهوية، تحت الحماية والهيمنة والسيطرة الأجنبية، وكل ذلك لإنهاء الوجود القطري، بعد أن أنهت الوجود القومي، وغاية ذلك هو جعل أي تفكير عربي بدولة عربية نهضوية موحدة من الأمور المستحيلة، لأن المسافة بين كيانات عربية هزيلة ملحقة، وبين كيان عربي كبير موحد قوي طويلة لا يمكن اجتيازها في ظل ثقافات جديدة قد حلت محل الثقافة العربية القومية الإنسانية .. هي ثقافة القبيلة والعشيرة والأسرة، والمذهب، والطائفة، والجهة ،وغيرها من الثقافات المهترئة الضيقة جداً. وحسب ذلك .. وبقراءة للواقع العربي وما يجري فيه من انهيار وتدمير لما بقى منه من شكل مهترئ ممثلاً ب “ الجامعة العربية” إنما هو سحق لما تبقى من الوجود العربي، والمحزن المبكي أن هناك نظم قطرية، ومال عربي، يُسهم ويشارك في ذلك وبكل قوة مع علمهم أنهم جزء من هدف المؤامرة، ولن ينجون منها.