الميل إلى قول الاعتدال والانصراف المطلق والنهائي عن إثارة الفتنة وصب الزيت على النار بدأ البعض يميل إليها، بعد أن كاد الناس يفقدون الأمل في عودة ذلك البعض إلى جادة الصواب وبما يحقق الخير للناس كافة، وبقي أن نقول: إن هذه العودة الحميدة إلى خير الناس كافة يجب أن تكون دائمة ومرتبطة بالله سبحانه وتعالى، وأن لا تكون مرهونة بغير ذلك، أما إذا كانت تلك العودة مرهونة بالمنافع والمصالح التي يظن البعض الحصول عليها خدمةً لذاته وأنانيته وأهوائه وطموحاته غير المشروعة فإنه سرعان ماينكشف القناع أو الستار لأنه أوهن من خيط العنكبوت. إن الالتزام والثبات على المبادئ من الأمور التي لايمكن أن يقدر عليها أصحاب المصالح الخاصة والضيقة، لأن صاحب المصلحة الخاصة والضيقة قد تربى على عدم الالتزام بالمبادئ والقيم والثوابت الدينية والوطنية والإنسانية، وأصبح منهجه في الحياة المنفعة فعندما رأى أنها تحققت مال إليها وعندما لايجد مجالاً للمغالطة والمخادعة من أجل مصالحه الخاصة فإنه سرعان مايعلن التعصب وقول الزور والبهتان. إن التمسك بحبل الله المتين هو الطريق الذي يجعل المرء اكثر قرباً من المصالح العامة ويدفعه إلى تغليب المصالح العامة للبلاد والعباد على المصالح الضيقة والأنانية. ويقدم درء المفسدة على جلب المصلحة، ويظل على هذا المنهج رغم ما يواجهه من الأذى الواضح، ولكن لأنه صاحب مبادئ وقيم فإن تلك الإساءات لايمكن أن تؤثر في حياته، لأنها تسير في طريق الخير العام. إن عودة البعض إلى القول النافع الذي يخدم الناس كافة ويحقق الخير العام أمر عظيم، لأن الاستمرار في الفتنة وعدم الالتزام بالثوابت الدينية والوطنية والإنسانية من أمور الجاهلية العمياء التي رفضها العقلاء والكرماء، أما الالتزام برفض النفاق والشقاق فإنه من مكارم الأخلاق التي تعبر عن المعدن السليم، ولذلك سيظل أصحاب المبادئ والقيم الذين لايعرفون التلون يلتزمون قول الحقيقة مهما كانت مُرة، لأن إيمانهم بالله رب العالمين أقوى من الأذى، ولأنهم يؤمنون أن الخير العام للإنسانية أعظم من الفتن، بإذن الله.