تعتبر الجولة الأورو- مريكية التي يقوم بها الأخ المشير الركن عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية من حيث دلالاتها وتطلعاتها بالغه الأهمية، لجهة كونها الأولى التي يقوم بها الأخ الرئيس منذ انتخابه في فبراير مطلع العام الجاري، حيث تعكس هذه الزيارة نجاح المؤسسة الرئاسية في ترتيب البيت الداخلي استعداداً للدخول في المرحلة الثانية من تنفيذ المبادرة الخليجية المزمنة والتي ينظر إليها اليمنيون والرعاة على حد سواء بعيون قلقة تتطلب مضاعفة الجهود لتأمين الظروف الملائمة لاستكمال تنفيذ ما تبقى من هذه المرحلة ..وبمعنى آخر فإن نجاح رئيس الجمهورية في نزع الألغام الناجمة عن الأزمة – رغم الصعوبات والتحديات العديدة- قد أعطاه وكافة القوى الوطنية على الساحة هذا التثمين والتقدير العاليين فضلا عن استمرار الدعم الخليجي والأوربي لمسارات التسوية في مراحلها المختلفة وهو الدعم المتمثل في نجاح مؤتمر المانحين بالرياض مطلع هذا الشهر على أمل أن تتحقق كافه التطلعات من مؤتمر الأصدقاء في نيويورك، حيث حرص الأخ رئيس الجمهورية على المشاركة فيه لما تمثله هذه الفعالية من أهمية قصوى بالنسبة لإمكانية خروج اليمنيين من أسر التداعيات والتحديات القائمة وفي طليعتها تلك المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية والإنسانية الصعبة التي يمر بها اليمن. وتأتي أهمية هذه الجولة الرئاسية بعد الضربات الموجعة التي استهدفت تنظيم القاعدة في اليمن سواء كان ذلك في التخلص من بعض الرموز القيادية داخل هذا التنظيم أو في دحر فلوله من بعض المناطق التي كان يسيطر عليها وتحديداً في محافظة أبين وأجزاء من شبوة. حيث تنظر الدول الغربية والولايات المتحدةالأمريكية إلى هذا الانجاز باعتباره نصراً لها وليس لليمن فحسب.. وأعتقد بأن هذا الموضوع سيحظى بالنصيب الأوفر من المباحثات الرئاسية مع واشنطن والعواصم الأوروبية، ولذلك لا يخال المراقب في أن يكون دعم هذه الدول لليمن بحجم هذه المسؤوليات التي تتحملها وفي هذه الظروف الصعبة سواء لجهة تمويل مشاريع التنمية أو رعاية مسارات التسوية السياسية كما أشرنا إلى ذلك آنفاً. بالطبع لسنا بحاجة إلى التذكير مجدداً بأهمية الموقع الاستراتيجي لليمن في هذه المنطقة المطلة على أهم ممر ملاحي يتحكم بنسبة كبيرة من إمدادات النفط العالمي، فضلاً عن انعكاسات أي فشل للتسوية الداخلية على محيطها الخليجي وهو ما تدركه بالقطع الدول الشقيقة والصديقة الراعية لمبادرة التسوية والمهتمة بتجنيب اليمن الوقوع في أتون حرب مدمرة ،ولذلك لا نبالغ أيضا إذا ما قلنا بأن هذه الدول تدرك تماما مجمل هذه التحديات وبالتالي ستعمل على توفير الحد الأدنى من الضمانات لعدم سقوط اليمن في هذا النفق وذلك برعاية التسوية السياسية حتى تؤتي ثمارها يانعة في نهاية المطاف. إن هذا الأمر لا يقتصر فقط على مسؤوليات رعاة هذه التسوية من الأشقاء والأصدقاء وإنما يتعلق أيضا وبدرجة رئيسة على إرادة اليمنيين وتفانيهم للخروج من أسر هذه التداعيات التي تنشب في رقاب أكثر من عشرين مليون نسمة ينتظرون بفارغ الصبر لحظة الانفراج الكبير وهو ما يعولونه كثيراً على نتائج الجولة الأورو-مريكية للأخ رئيس الجمهورية في أبعادها المتعددة وتحديداً في معالجة المسألة الاقتصادية والإنسانية التي تمثل هماً مؤرقاً والعنوان الأبرز لمدى نجاح أو فشل التسوية السياسية ..وكل ذلك سيبقى مجرد أضغاث أحلام إلى حين يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود .