أخطر شيء يمكنه أن يجتث أي دولة في العالم من جذورها ويزعزع أمنها واستقرارها هو ان تصبح بلا أركان ثابتة تسندها من أي تخلخل وعدم اتزان وتوازن. وهيبة الدولة هي الركن الأساسي لتوازن أي بلد وبها يستطيع أن يؤسس لحكم رصين وثابت ويفرض سيادته على الكبير قبل الصغير ويبني دولة متينة قائمة على قواعد راسخة ومبادئ صحيحة على رأسها احترام القوانين وعدم استقواء القوي على الضعيف وتتلاشى شريعة الغاب التي لطالما أنهكت جسد هذا الوطن الجريح .. ثمة قضية خطيرة طفت على سطح تخلخل توازننا حالياً وهي ظهور فتوات التوت والنبوت والعصي والبنادق والهراوات واحتماء بعض الناس بهم وظهور عبارة مخيفة صارت تلوكها ألسنتهم وهي عبارة(لم يعد معنا دولة)ونتيجة لها صرنا نرى الفتوات يفتون في قضايا الناس يحكمون ويقررون ويقومون بعمل الدولة ومطلوب من الناس أن تطيعهم وإلا فالرصاص مثوى لهم وكل ذلك نتيجة غياب الضبط والمحاسبة وغياب هيبة القانون والدولة .من المؤكد أن هذه العبارة مرعبة جداً وبإمكانها أن تؤدي بنا إلى مالا يحمد عقباه وستسوء أمورنا أكثر إن ظلت هيبة الدولة خارج نطاق الخدمة. فمعنى أن تأتي فترة يأخذ فيها كل فرد حقه بيده وبسلاحه ويلجأ لفتوات يبطشون معه بغريمه وبالوطن ،كما يحدث حالياً,معنى ذلك أن هناك خللاً كبيراً وخطيراً في كيان الدولة وأن هيبتها قد تلاشت في كيان وتصرفات المواطن وانه لم يعد يثق بوجود من سيحميه أو ينصفه إن كان مظلوماً أو يعيد حقوقه إن كان معتدى عليه ، وذلك لقناعته ان هناك من هم اقوى من الدولة وأنها اضعف من أن تضبط أياً كان من المخربين وقطاع الطرق. بالتأكيد ليس هناك مايبرر لجوء المواطن لطرق غير قانونية لاسترداد حقه لكننا إن لمسنا واقع معاناته ومايراه من انفلات أمني وعدم ضبط وعقاب لمن يبطش ويعتدي ويظلم وأيضاً مايلقاه في أقسام الشرطة والنيابة والمحاكم من بهذلة ومرمطة واستغلال,فإننا نلتمس له العذر وبنفس الوقت نطالب الدولة أن تسترد ثقتنا بها وتفرض هيبتها وتبسط نفوذها وذلك بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز مادي أو عنصري أو قبيلي أو مشيخي والفصل بين قضايا الناس بالانصاف وعقاب كل مخرب ظالم وجانٍ وتعيد للبسطاء حقوقهم وتعاقب الفتوات والبلاطجة الذين أصبحوا يعيثون في اليمن خراباً وبطشاً وبسط نفوذ الدولة لا يكون بالقوة والحزم وحسب بل لابد أن يبدأ أولاً بإصلاح من هم داخل أجهزة الدولة أي تأهيلهم وتعليمهم طرق وأساليب ومهارات التواصل مع الناس وفن التعامل مع العامة أولاً,أي إعادة تأهيلهم إنسانياً وأخلاقياً ومن ثم عملياً ووظيفياً كي يستطيعوا بسط نفوذهم بشكل سليم وسوي يحترمه ويصدقه المواطن بعيداً عن أساليب الاستغلال والهنجمة والرشاوي والاصطياد في الماء العكر والبعد عن إنصاف من يدفع أكثر حتى وإن كان ظالماً وذلك حتى لا يلجأ الناس لطرق غير قانونية من منطلق أنهم يجدون الظلم ممن يفترض بهم حمايتهم. أخيراً, ندرك جميعاً أن يمننا الحبيب مليء بالمخلصين والنزهاء,من يحملون هم وحب الوطن كنيشان على أكتافهم وصدورهم.فلهؤلاء نقول: أعيدوا لليمن وجهها الوضاء وسيرتها المضيئة,أعيدوا لليمن هيبتها ووجهها المنير, فأنتم أملها ورهانها الأخير.وكان الله في عونكم.