قبل استعراض بعض السيناريوهات الافتراضية لمرحلة ما بعد الربيع العربي لا بأس من التذكير بأن القانون الأساسي الناظم لما حدث هو قانون التاريخ الذي يُحيل الصُّدفة إلى ضرورة، ويسخر من المراقبين والمتابعين، كما يجيب على منطق السلطة الغاشمة، بمنطق جديد يحيل عديد الرؤساء العرب إلى الغياب القسري، ليؤكد مرة أُخرى وثانية مقولة (دهاء التاريخ) الشهيرة. جاء هذا الربيع بوصفه موسماً لما بعده. فالتسمية هنا ليست دالة الحقيقة، بل الاستمرارية، وهو أمر لا علاقة له بالأهواء والأماني والرغبات، بل يأخذ مجراه خارج نطاق السيطرة والمُحاصرة .. هذا ما يعلمنا إياه التاريخ، ولنا في ثورات العالم الآخر الدروس والعبر، منذ كومونة باريس الفرنسية.. مروراً بالثورة البلشفية الروسية، وحتى انتفاضة الصين الشعبية في خمسينيات القرن المنصرم. والآن يمكننا تحديد معالم السيناريو الافتراضي للفترة القادمة، وعلى نحو يتأسّى بالتوقعات النابعة من مقدماتها، وبالذائقة الرائية لما وراء الآكام والهضاب، وعلى نحو يسمح لنا بإدراك سلسلة المتاعب والعقبات والكوابح التي تواجه طالبي التغيير، كما تكشف أيضاً المتغير على الصعيد العالمي، مما يؤثر بصفة حاسمة على مصائر بلدان الربيع العربي. اليمن ليست بعيدة عن هذه الحالة، بل تقبع في ركن ركين منها، والتغيير المأمول ما زال يواجه عقبات جديّة، دونها ما يتم تناقله من أخبار فاجعة، وعلى صعد مختلفة . [email protected]