الخطوات التي خطها اليمن في سبيل تعزيز الديمقراطية والممارسة العملية للمشاركة السياسية قد أحدثت تطوراً نوعياً في الحياة السياسية في المنطقة العربية بأسرها، وخلقت نوعاً من التفرد غير المرغوب من قبل بعض القوى السياسية التقليدية التي لا تريد للشعب امتلاك السلطة؛ لأن تلك القوى تعوّدت على عدم إعطاء الشعب حقه في الحرية والحياة السياسية بسبب النظرة القاصرة للشعب والادعاء بالأفضلية والأحقية لتلك القوى دون غيرها من مكونات الشعب اليمني. ولم يكن أمام تلك القوى عقب الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر عامي 621963م غير التغلغل في أجهزة الدولة من أجل العمل على إحباط النقلة النوعية التي أعادت اليمن إلى جذور الممارسة الديمقراطية إبان الدولة المركزية القوية والقادرة في الامبراطورية اليمنية المعينية والسبئية والحميرية. لقد ظلت القوى الظلامية تعمل في الخفاء منذ بداية الستينيات من القرن الماضي وحتى بداية 2011م، وعندما هبّت رياح الأزمة استغلت تلك القوى الفرصة، وظهرت على السطح تمارس أعمال العنف واستباحة الدماء والأعراض والأموال، وحدث التحالف الخطير بين قوى الشر والعدوان داخلياً وخارجياً، بهدف إسقاط اليمن ومنع عجلة التنمية وتعطيل الحياة المدنية، ومنع التعليم الذي يعد من أعظم إنجازات الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر بعد إعادة الوحدة في 22مايو 1990م. وقد أحدثت تلك الأعمال والممارسات تصدعاً خطيراً في جدار الوحدة الوطنية من خلال الإخلال بالعملية التعليمية، حيث حاولت تلك القوى إنشاء جيلين متناقضين بأسلوب تعليمي، بهدف ضمان الصراع والاختلاف الدائم؛ لكي لا يستقر اليمن ولا تتوحد أجياله خدمة لأعداء اليمن وأعداء الدين الرافضين لوحدة اليمن وأمنه واستقراره. ورغم ذلك حاولت الدولة تجاوز هذه العقبة الأشد خطراً على مستقبل الأجيال؛ من خلال جملة من الإجراءات التي حدثت في مجال توحيد التعليم، إلا أن القوى الظلامية مازالت مصرة على تمزيق الأجيال وخلق التناقضات الخطيرة، وقد انتقلت الحملة الشرسة على التعليم إلى صروح الجامعات، وبغلاف جديد، وتحت مظلة المطالبة بالديمقراطية في المؤسسات التعليمية. إن نقل الصراع إلى المؤسسات التعليمية يعد المرحلة النهائية للقضاء على ما تبقى من وحدة الأجيال، ويعد الضمانة الأكيدة لتحقيق أهداف أعداء اليمن الذين يريدون بقاء أبناء اليمن في قتال دائم لا تقوم لهم قائمة. ولذلك أناشد العقلاء في كل القوى الوطنية أن تمنع الصراع الحزبي والطائفي داخل المؤسسات التعليمية، وأناشد الشعب بأن يقف في وجه المتآمرين على التعليم لنضمن بقاء اليمن وديمومته واستمراره موحداً بإذن الله.