نظلم التاريخ اليمني قديمه وحديثه حينما نقرأه قراءة خاطئة ونجير حقائقه لخدمة الحاكم لتعزيز سلطته،وذلك تجنٍ على التاريخ نفسه وعلى الشعوب التي يستثمر الحكام نضالاتها بهدف تهميش صانعي الأحداث وتغييبهم وتناول نضالاتهم من زاوية تخدم هذا الطرف اوذاك،بل وصل الأمر في حالات كثيرة الى الإساءة للوطن من خلال الكتابات البذيئة التي جعل منها البعض وسيلة للارتزاق ولا يهمهم ماينتج عنها من آثارة الحقد والكراهية والبغضاء بين المواطنيين خاصة أولئك الذين يكتبون بنفس عقائدي ومذهبي وطائفي وينصبون أنفسهم أوصياء على الدين، ولانعني بهم فريقاً بذاته وانما نعني كل من يسلك هذا السلوك سواء كانوا من اصحاب التبرك بمسوح الرهبان اومن اصحاب التقرب لتنطحهم قرون الشيطان ..وانا اتابع مثل هذه الكتابات البذيئة التي تشوه التاريخ اليمني وتلحق الأذى والإساءة بالوطن والشعب ومنجزه الوطني الكبيرالمتمثل في ثورة الشباب من قبل بعض الحاقدين في عدد من الصحف لاسيما تلك المرتبطة بأشخاص واحزاب ،تذكرت تلك الصرخة المدوية التي اطلقها الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس اركان القوات المصرية الأسبق رحمه الله وبطل حرب اكتوبر 1973م في وجه المذيع القدير بقناة «الجزيرة» احمد منصور حين حاول الأخير ان يستفزه وهو يحاوره كشاهد على العصر ليهاجم مصر.. فأنتفض الفريق الشاذلي غاضباً وهو يصرخ :«كل شيء إلاَّ مصر» مصر فوق الجميع.. صحيح انا اختلفت مع النظام السياسي لكن مصر لن اسمح لأحد بأن يمسها بسوء مهما كان خلافي مع ذلك النظام. هنا تتجلى الوطنية بأسمى معانيها،ويتجلى من خلال هذا الموقف الرائع والوطني حب الإنسان لوطنه والدفاع عنه حتى لوكان مختلفاً مع النظام القائم اولم يعجبه الوضع بحسب مايريد له ان يكون.. فهل يستفيد اولئك الحاقدون على كل ماهو جميل في الوطن وعلى كل ماحققته ثورة الشباب من إحياء لأمل اليمنيين في بناء دولتهم المدنية الحديثة التي ظلوا يحلمون بها منذ خمسين عاما مضت من عمر الثورة الأم (سبتمبر واكتوبر) يجب أن نتعلم من هذا الموقف النبيل للفريق الشاذلي ويتعلمون منه درساً في حب الأوطان والدفاع عنها وعن مكتسباتها.. أم أنهم سيظلون ماضون في غيهم سائرون-كماتعودوا- في طريق الهدم.. لأنهم يعلمون جيداً ان الذي يفقد القدرة على ان يقدم شيئاً لوطنه لايستطيع إلاَّ ان يعمل على هدم ماهو قائم كونه يشعر بالعجز وفقدان المكانة اللائقة به بمايؤكد انه اصبح لاقيمة له في المجتمع. ومثل هؤلاء تزداد احقادهم وعداوتهم للوطن يوماً عن يوم سواءً كانوا اعلاميين او سياسيين وكأن بينهم وبين الشعب ثأرا ولكنهم لايجنون من وراء موقفهم هذا إلاَّ الخيبة والخسران.. فيموتون بغيضهم في اليوم مائة مرة خاصة عندما يرون القافلة تسير فلاهم ارضوا اسيادهم الذين يوجهونهم للقيام بمثل هذه الأعمال السيئة ولاهم ارضوا انفسهم من خلال وقوفهم في الموقع الخطأ مستغلين الحرية والديمقراطية التي لاتعني الكذب والدجل وتجاوز الحقائق والأنظمة والقوانين لاسيما وان مايكتبه هؤلاء لايعكس بأي حال رأياً يحترمه القارئ كون تلك الكتابات تعبر عن حقد كاتبيها وليست سوى نتاج لضغائن دفينة على الوطن ومكتسباته فضلاً عن ان القارئ اليمني قد شب عن الطوق ولم يعد تنطلي عليه هذه الحيل الشيطانية مميزاً من خلال وعيه الوطني بين ماهو نقد هادف وبناء وبين النقد الهدام الذي يسخر بالدرجة الأولى لخدمة العملاء والمرتزقة واعداء اليمن في الداخل والخارج. فهل يتعظ هؤلاء من دروس الماضي ويتقوا الله في الوطن وفي انفسهم حتى لاتتحول جهودهم وافكارهم الهدامة وبالاً عليهم.. اما الوطن والشعب وكل المكتسبات المتحققة فلهم رب يحميهم من مكائد هؤلاء الذين تعودوا دائما الاصطياد في الماء العكر غير مدركين ان اهمية كل ثورة تتجلى في نجاحها بتحقيق اهدافها وماتحدثه من تحولات في حياة الشعوب والأمم وفي حياة القوى الاجتماعية وخاصة المهمشة منها التي قامت من اجلها.. وثورة الشباب المباركة رغم محاولة البعض الالتفاف على اهدافها قد لايختلف اثنان حولها في انها حققت الكثير ورسمت خارطة سياسية جديدة وصولا الى تحقيق الهدف الأكبر والأسمى المتمثل في تحقيق الدولة المدنية الحديثة..و انتاج قيادةللشعب مخلصة وواعية قادرة ان تقوده الى بر الأمان.. لكن مايحز في النفس هو: ان نرى عدداً من ابناء جلدتنا قد سخروا انفسهم للسير في طريق الشيطان لايحمل محتوى خطابهم الإعلامي إلاَّ كل مايدعو لهدم منجزات أمة. بقي أن نؤكد اننا لسنا مع السياسات الخاطئة التي هي مصدر الفساد كما كان يحدث في عهد النظام السابق، ولكن معالجة ذلك لايتم بالإساءة والتجريح لسمعة الوطن خدمة لا اعدائه وكذا التنكر لما قام به الشباب وضحوا بأرواحهم ودمائهم من اجل تحقيقه حيث اصبحت عملية التغيير التي تمت بفضل تضحياتهم تظلل بما تحمله من تفاؤل وأمل في خروج الشعب اليمني من عنق الزجاجة التي حشر فيها كل ابناء اليمن وتضفي على شفاههم ابتسامة عريضة افتقدوها في الماضي ..ومن اجل ان تتحقق اهداف ثورة الشباب ومن اجل ان نقطع الطريق على من تأصل في نفوسهم الحقد والعداوة ضد الشعب اليمني وتشويه كل ماهو جميل فإن المطلوب من الإعلام بمختلف توجهاته الرسمية والحزبية والمستقلة ان ينحاز جميعه الى جانب القضية الوطنية والابتعاد عن تقديس الأشخاص او الأحزاب مهما كان ثمن ذلك مغريا ..كما يجب على كل من يتحمل المسؤولية كانت صغيرة او كبيرة ان يغلب المصلحة الوطنية العلياء على مصالحه الخاصة..وبذلك نستطيع ان نضع اقدامنا على بداية الطريق الصحيح ..اما اذا استمرينا متأثرين بثقافة الفيد التي خلفها لنا النظام السابق كأعظم منجزاته التي يشهد له بها القاصي والداني فإننا سنظل ندور في متاهة لن نخرج منها ابدا. وعليه كم نود من هؤلاء ان يراجعوا انفسهم وان يعكسوا في خطابهم الاعلامي الاحترام المتبادل بينهم وبين الشعب وان يناقشوا الحقائق بموضوعية بعيداً عن المكايدات وتجاوز الواقع المعاش الذي يفرض نفسه على الجميع..ولا يمكن لأي فريق ان يقصي الآخر مهما بلغت حدة الخلافات بينهما ،لأن الوطن ملك لكل أبنائه وليس من حق أي طرف ان يتحكم فيه او يدعي الوصاية عليه..هذا هو ما علمتنا اياه ثورة الشباب التي يحاول المتضررون منها الالتفاف على اهدافها،ولكن هيهات ان يحدث ذلك فقد أخذ شعبنا الدرس واستوعبه جيدا من ثورة سبتمبر واكتوبر والمؤمن كما جاء في الحديث الشريف لا يلدغ من جحر مرتين.