ما جرى في اليمن في إطار ما جرى في الوطن العربي كان بدافع تغيير النظام، والمطالبة بنظام جديد.. وهذا شيء جميل ورائع، لكن تغيير النظام وصياغة نظام جديد عبارات عامة ليست محددة.. وكل واحد حزب أو فرد، قبيلة أو حزب، أسرة أو عشيرة، أو..أو.. إلخ، بالإمكان أن يأخذ “النظام الجديد” حسب هواه، ومصالحه، وهنا ستختلف التفسيرات، والأطروحات حول النظام الجديد مما سيخلق صراعاً نظرياً، وقد يتحول إلى صراع عنيف، ويتزايد الاختلاف، والتباين عن النظام الجديد، وبالتالي تصبح المسألة فتنة بين النخب الحزبية والقبلية، والدينية، والعسكرية، والسياسية، وهم أصحاب المصالح.. بينما التابعين من العامة، من أبناء الشعب سيكونون وقوداً لهذه الفتنة والتي في النهاية ستنتهي إلى تصالح بين النخب المصلحية، على نظام جديد يتقاسمون اليمن والمصالح والشعب يخرج من هذه المصالح، ويعود إلى معاناته، الآن النظام لم يتم تغييره وإنما تم إنتاجه من جديد. على أي حال.. هل النتيجة التي انتجتها الثورة الشبابية التي بدأت في شهر فبراير 2011م.. هي التي أرادها الشباب؟ وهل الأوضاع الراهنة، والقوى التي تسيدت هي الأوضاع والقوى التي أرادوها؟! وهل القوى أو الثورة الشبابية ترى أن القوى الموجودة، والتي ركبت موجة الثورة وظهرها هي التي ستصنع النظام الجديد؟!! وهي القوى العسكرية المنشقة، والقوى القبلية، والقوى الدينية، هل يجد الشباب أن هذه القوى هي التي تحمل مشروع الشباب، وحلمهم؟!! ولماذا حتى الآن لم ينزل أي مشروع تصور لشكل النظام الجديد وطبيعته، وموقع الشعب فيه؟! إنها أسئلة موضوعية منطقية.. وخاصة وأن لجنة الحوار تسير في الإعداد والتجهيز للمؤتمر “مؤتمر الحوار الوطني” ومشروع النظام الجديد الذي سيعرض على المؤتمر. فهل اللجنة تحمل طموحات الشباب؟! وقادرة على تضمين النظام الجديد أحلام وتطلعات الشباب؟!! وآمال وأحلام الشعب؟! إن القوى القبلية، والحزبية، والعسكرية، والدينية التي ركبت ثورة الشباب لا أعتقد أنها تحمل مشروعاً حضارياً، ولا تعبر عن الدولة المدنية المنشودة ولا هي بالقوى التي تقبل بالجديد، وليس لها أي علاقة بأحلام وتطلعات الشباب والشعب، ولا اللجنة الوطنية للحوار بوجود هؤلاء قادرة على صياغة نظام جديد على أنقاض النظام حسب هواها، ومصالحها في الفترة القادمة.. وهو ما حصل في تونس، ومصر، وليبيا.. وعليه فإن النظام الجديد الذي نريده للشعب، وليس للنخب.. النظام الجديد الذي نريده هو الذي يسلم السلطة للشعب.. ويقيم دولة العدل والمساواة، دولة للشعب، وليس شعب للدولة، دولة مدنية محكومة بالقانون والنظام، دولة تحقق الأمن الحياتي والمعيشي والخدمي للأمة، وما إلى ذلك.