الثورة: في مجملها فعلُ إنساني وطني لم يخرج إلى الدنيا جزافاً ولكن صاغته إرادة شعبٍ يأبى الضيم، ووطن يعشق الحرية.. فهي – أي الثورة- حدث إنساني الطابع لأن( الشعب) الطرف الأول في صناعته، ووطني لأن الشعب مرتبط في كينونته الأزلية بحيز من الأرض استوطنها مأوى وحياة فصارت له “وطناً” وقليلاً قليلاً امتدت الحياة بهما فتوحدا قدراً ومصيراً الأمر الذي رسخ العلاقة القائمة بين الشعب والوطن في واحدية فطرية عجيبة لدرجة صارا فيه وجهين لمسمى واحد فالوطن الوجه الآخر للشعب والشعب الوجه الآخر للوطن أما الحياة على امتدادها متجددة ومزدهرة ومواكبة للعصور فإنها روح الشعب وقلب الوطن النابض بالتطور والتقدم والازدهار ..وأيما شعبٍ بلا وطن كأيما وطن بلا شعب فكلاهما يكون بلا هوية، وبلا حياة ..وهنا تكمن أهمية الثورات في حياة الشعوب والأوطان ..لأنها شوكة ميزان تصحيح مسارات حياة الشعوب واستقطاع الأوطان لحساب المصالح الضيقة التي تعبث بعدالة التعايش الاجتماعي في نطاق الوطن الواحد والأمة الواحدة من هذا المنطلق فإنه ليس بالأمر الغريب أن تتجسد في (الثورة) الفعل – الحدث- التضحية- الفداء- التغيير.. الخ ليس غريباً أن تتجسد فيها كل معاني الحق والخير والأمن والسلام والرخاء والإبداع ..الخ وبالتالي يصبح شكل ومضمون الثورة تاريخ حياة أمة ووطن على امتداد الزمكنة – وهذا ما يكسب الثورة الخلود في ذاكرة الأجيال واستمرارية الفخر والاعتزاز بها والتغني بها وتكرار أحداثها إن لزم الأمر ..من أجل ذلك وجدنا اسم (الثورة) يطلق على شوارع ومراكز خدمية وتنموية وإبداعية كالمدارس والجامعات والمشافي والمعسكرات والحدائق العامة و..و..الخ ليس عبثاً طبعاً ولكن تبركاً وتفاؤلاً لأن تصبح هذه المدرسة أو ذاك المعهد أو تلك الوحدة الصحية ..الخ متسعاً للحق والخير والجمال والعطاء والإبداع والمساهمة الفاعلة في بناء حافز ومستقبل الوطن مستمدة حراكها ذاك من مدلول اسم الثورة الذي أطلق عليها ..نخلص من هذا لنذهب إلى الكثير من المرافق الخدمية والتنموية في بلادنا التي تحمل اسم” الثورة” وكم نكون سعداء وعلى يقين ثوري عندما نرى تلك المرافق على قدر كبير من النهوض ومن مسئولية إداراتها حتى لانصاب بالخجل- وهذا ما نعيشه ونعايشه وبكل أسف- عندما نرى مرافق “الثورة” مهملة وعلى قدر كبير من السلبية والازدراء لأن ذلك يسيء بالدرجة الأولى إلى الاسم الذي ارتبط به هذا المرفق أو ذاك” الثورة” وكم هي مظاهر الازدراء منتشرة في بلادنا للأسف الشديد ..فكم نتمنى على حكومتنا بل وقيادتنا كلها العمل على إعادة النظر في تلك المرافق والاهتمام بالسلبي منها احتراماً وإجلالاً وإكباراً للثورة لفظاً ومعنى ومدلولاً ودماءً وطنية مقدسة ..أو العمل على تغيير هذا الاسم من هذا المرفق أو ذاك حتى لا تمتد وتيرة الشعور بالإحباط لتصل إلى الأجيال القادمة ويكفي أبناء شعبنا إحباطاً...لا أريد أن أرصد هنا بعضاً من تلك المرافق الخدمية والتنموية المنتشرة في ربوع بلادي وأكتفي فقط بمدرسة الثورة الأساسية في مديرية حيس إحدى مديريات محافظة الحديدة التي لها باعها الطويل في الثورة والجمهورية والوحدة اليمنية والمواطنة الصالحة ..وإنني هنا أدعو قيادة السلطة المحلية بالمحافظة وقيادة مكتب التربية والتعليم بالمحافظة أيضاً زيارة هذه المدرسة الوحيدة والمتفردة بهذا الاسم “الثورة” بالمديرية في مختلف المرافق التعليمية وغير التعليمية من أجل الوقوف عن قرب لمشاهدة فصول هذه المدرسة« القش» التي تلعب بها الريح والأمطار وما إن يبدأ العام الدراسي الجديد حتى تفعل الشمس الأفاعيل بالطلاب والمدرسين وفي كل عام نصرخ ونستغيث ونطلب النجدة ولو ( من نفقات الصيانة أو أي نفقات أخرى للإدارة التربوية بالمديرية أو المجلس المحلي) وبما يمكن إدارة المدرسة من حجب ضوء الشمس عن رؤوس الطلاب بالقش والطرابيل ويكفي هؤلاء الطلاب جلوسهم على الأرض في كل أو معظم فصول المدرسة وبرغم هذا لا حياة لمن تنادي فلا السلطة المحلية بالمديرية انقذت الطلاب ببناء مدرسي اسمنتي ولا إدارة المركز التعليمي تنازلت مرة واحدة عن حصتها من نفقات الصيانة لصالح المدرسة ولا حول ولا قوة إلا بالله لتظل الثورة حتى يومنا هذا في العراء...فكيف سيكون العطاء.