الثقافة في معناها التنموي مرتكز أساسي لبناء أي مجتمع أوشعب أو وطن البناء التنموي الذي يجعل من حياة الأمة قادرة على مواكبة العصر دون أن تفقد شيئاً من مقومات أصالتها، وأيما خلل في هذا الجانب الهام في حياة الشعوب فإن آثاره السلبية تنعكس بصورة أكثر سوءاً على الحياة برمتها داخل محيط هذه البيئة أو تلك . وبالتالي فإن الوهن هو الذي يطغى على القدرات الإبداعية المختلفة، الأمر الذي يجعل من التنمية في صورتها الشاملة مبنى بلامعنى.. وجسداً بلا روح، وحياة خالية إلا من فراغ البلادة وعلى العكس تماماً عندما تكون الثقافة واجهة البلاد والعباد تصنع على هامات مبدعيها إشراقات الخلق والحق والخير والجمال والعطاءات المثمرة بلا حدود.. من أجل ذلك دأبت الحكومات في كل بقاع الأرض على إعطاء هذا الجانب أولوية في الاهتمام والدعم والرعاية والتحديث بما يواكب العصر وحداثة الحياة وبما يحافظ في الوقت نفسه على أصالة الموروث ليظل الأساس الذي تنطلق منه القدرات في سباقها مع متطلبات الشعوب الذي ينبغي له أن يكون وفق توافر كثير من المعطيات أهمها: 1 إعطاء الثقافة الدعم المادي والمعنوي الكبير من قبل الحكومة. 2 تواصل واستمرارية هذا الاهتمام الحكومي بالثقافة والمثقفين بمعنى ألا يكون الاهتمام مناسباتياً ينتهي بانتهاء المناسبة وهناك عوامل أخرى تتعلق بالمثقف نفسه من حيث إيمانه برسالته وتسخير طاقاته في إطار الكل لخلق حراك ثقافي عام على مستوى القرية فالمديرية فالمحافظة فالجمهورية.. إلخ فإذا ما تحقق ذلك فسنرى الاسهام الثقافي في تنوير وتطوير وتغيير المجتمع في صورته الجزئية أو العامة «كشعب» والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة تعطيك - إن أردت المعرفة - صورة واضحة عن محطات الازدهار الثقافي والانكسار والانحطاط سواء على مستوى الوطن العربي أو على مستوى بلادنا اليمن. ومن هذا المنطلق فإننا في هذا الوطن المليء بل والمتميز والمتفرد على مستوى المنطقة بالكنوز الثقافية الموروثة والقدرات الثقافية البشرية المبدعة في مختلف المجالات المعاصرة.. أقول: إننا في اليمن «كثقافة ومثقفين» لاتنقصنا سوى أن تأخذ الدولة بأيدينا دعماً مادياً ومعنوياً وبشكل رسمي مستمر وبالقدر الذي يستحق خاصة من حيث «حجم المخصص المالي في الموازنة» ومن حيث وهو الأهم دعم الانتاج واعتماد المنتديات وإنشاء المراكز الثقافية وصرف النفقات التشغيلية لمكاتب الثقافة بالمحافظات بما يغطي تفعيل أنشطتها واحتياجاتها واعتماد نفقات تشغيلية لفروع مكاتب الثقافة بالمديريات وصرف مستحقاتها المكتبية من أثاث وأجهزة صوتية وفنية وتصويرية.. إلخ، فكم نحن بأشد الحاجة لتوفير مثل هذه اللوازم الضرورية لخلق نشاط ثقافي عام فاعل.. فليس من طريق جاد يصل بالمجتمع إلى مستقبل ثقافي أفضل سوى طريق التعامل الرسمي مع الثقافة كمجال خدمي تنموي تعاملاً أكثر دعماً وإنصافاً ورعاية.. ولقد أثلج صدورنا حقاً ما خرج به المؤتمر العام السابع للمؤتمر الشعبي العام في دورته الثانية بخصوص الجانب الثقافي من توصيات أهمها التشديد على دعم مكاتب الثقافة والمنتديات والمراكز الثقافية والنظر بعين الاعتبار إلى فروع مكاتب الثقافة في المديريات واعتماد نفقاتها التشغيلية.. لكن متى سوف يتم تنفيذ هذه التوجيهات العليا الصادرة عن فخامة الأخ رئيس الجمهورية؟ هذا ما سوف ننتظره على أحر من الجمر، وهذا ما سوف يدخل البهجة على القطاع الثقافي كله في بلادنا وعلى «الثقافة» اليمنية كمؤسسة تنموية وكفكر وإنتاج إبداعي يجب أن يستعيد حضوره في حياة مجتمعنا اليمني.. وإننا على ثقة كبيرة أن هذه التوجيهات الرئاسية سوف تجد طريقها إلى التنفيذ عاجلاً بإذن الله تعالى حتى تقوم الجهات الثقافية المتعددة بدورها الوطني والإنساني في عملية بناء المجتمع ثقافياً ومما يؤهله ليصبح الشعب صالحاً يحب وطنه ويحرص على مصلحته العليا ويقف وبكل مسئولية ضد كل أنواع الثقافات السلبية التي تسيىء إلى مبادئ معتقدنا وإلى أخلاق وحكمة وإيمان شعبنا وإلى ثوابتنا الوطنية بفعل فئات موتورة الفكر والوعي تسعى ليل نهار إلى نشر أوبئة ثقافة الكراهية والطائفية والتطرف والتشطير والفتن....إلخ. وكم نحن بأشد الحاجة اليوم إلى تمكين الجهات الثقافية من التصدي لأعداء وطننا ووحدتنا ومنجزاتنا وتاريخنا الحضاري والثقافي الكبير. وللأسف الشديد إن سلطاتنا المحلية في بعض المديريات لا تعير الجانب الثقافي أي اهتمام فقط يربطها بمكاتب الثقافة لديها مطالبتها بالتوريدات فقط أما ما سوى ذلك فلا يهمها في شيء حتى فيما يتعلق الاحتفاء بالأعياد الوطنية والأيام الديمقراطية في بلادنا حيث وصل الأمر ببعض المجالس المحلية إلى الرفض تماماً كون هذه المكاتب محرومة من اعتماد مخصصات تشغيلية.. ولانريد هنا الذكر بالاسم بقدر ما يهمنا أن توجد لدى الجميع صحوة ضمير تعطي الثقافة الأهمية التي تستحق حتى لايصدق على الثقافة والمثقفين قول الشاعر: «ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء» أملنا في أن يجد هذا القطاع الخدمي متنفساً،وثقتنا في معالي وزير الثقافة كبيرة وكلنا «رجال الفكر والثقافة والابداع» في محافظة الحديدة خاصة وكل المحافظات عامة كلنا ثقة في معالي الوزير بإعطاء القوائم من المبدعين والمبدعات الذين لم يشملهم التكريم،وهم الأحق به إعطاء هذا الموضوع المطروح عليه جل الاهتمام مع خالص تهانينا للأستاذ الفاضل الدكتور أحمد عزي صغير لتعيينه مديراً عاماً لمكتب الثقافة بمحافظة الحديدة الذي استبشر به قطاع الثقافة بالمحافظة خيراً..