تعتبر “الثقافة” كقطاع خدمي وتنموي في أي بلد من البلدان- تعتبر من أهم المرتكزات الأساسية التي يقوم عليها بنيان التطور والتقدم لهذا البلد أو ذاك- الاعتبارات عدة أهمها أنها- أي الثقافة- هي بوابة القدرة على الإبداع والابتكار والإنتاج ..وإيما حركة تنموية خالية من الاهتمام بالجانب الثقافي وتنميته فإنها بلا شك حركة آنية وسرعان ما ينطفئ بريقها لأن مشاعل التنمية الحقيق والمستدامة تكمن في هذا المجال الحياتي والأهم في السير بعجلة النماء والازدهار إلى الأمام وبدون ذلك تبقى التنمية التي تنشدها الشعوب منخورة ومليئة بالهباء. وبلادنا- اليمن- وللأسف الشديد - كالكثير غيرها من بلدان وطننا العربي الكبير أهملت أنظمتها القطاع الثقافي كثيراً وفي معظم جوانبه لكثير من الأسباب وأهمها الأسباب السياسية الناتجة عن تخوف بعض الأنظمة من عجلة التنمية الثقافية إن هي تقدمت إلى الأمام وبالتالي فإنها- أي تلك الأنظمة- لم تعطِ المجال الثقافي متسعاً من الرعاية والدعم المادي والمعنوي الذي يجب الأمر الذي عكس نفسه سلباً على واقع أجيالناً المتعاقبة وما هي النتيجة أو الأثر؟ إنها صورة قاتمة وهشة للفكر والوجدان لدى غالبية شعوبنا العربية وهو ما يحكيه جليا على أرض الواقع ضعف القدرات لدينا كعرب على الإبداع والابتكار والاختراع وضعف الوعي في معظم مشاربه حتى وصل بنا الحال إلى ضعفنا حتى في رؤانا تجاه الوطن وشعورنا به وولائنا له.. صحيح أننا في يمن الثاني والعشرين من مايو تحقق لوطننا من المنجزات والمشاريع في مختلف المجالات ما صرنا نفخر به عظيم الاعتزاز وفي المجال الثقافي بوجه خاص...ولكن ما يلامس جوهر التنمية الثقافية يكاد يكون غائباً وبدرجة كبيرة قد يكون هذا الغياب متفاوتاً من منطقة إلى أخرى أومن محافظة إلى أخرى ولكنه في واقعه العام حاصل فعلى سبيل المثال لا الحصر: لو تأملنا وبصورة منصفة الاهتمام الرسمي العام بالثقافة كمجال أو قطاع خدمي وتنموي أيضاً في الكثير من مرافق الدولة لوجدناه لا يُسمن ولا يُغني من جوع بمعنى لا يفي بالغرض و تحقيق الأهداف المنشودة وهذا ما تثبته شواهد العيان في (اهتمام وزارة الشباب والرياضة بالجانب الثقافي- اهتمام وزارة التربية والتعليم- اهتمام وزارة الثقافة نفسها - اهتمام وزارة التدريب المهني....الخ) فالمتأمل المنصف يذهب إلى حقيقة إهمال جانب التنمية الثقافية من خلال خلو المشهد من الكثير من مظاهر تلك التنمية وخصوصاً في المديريات. إننا وبعد أن أثبتت الأزمة الحالية في بلادنا مدى أهمية الاهتمام بالتنمية الثقافية في أو ساط مجتمعاتنا لترسيخ مبادىء وأخلاق ديننا وعروبتنا ووطننا وأخلاقنا الكريمة وتدعيم كافة أوجه الإبداع والإنتاج على الساحة التنموية العامة للبلاد. وبعد أن شاهدنا ولمسنا عن قرب مدى سهولة الغزو الفكري والوطني والأخلاقي المضاد في عقول النشء والشباب وسهولة التغرير بهم مع أو ضد:يصبح لزاماً على الدولة إعادة النظر في أداء واجبها فيما يخص الاهتمام بالتنمية الثقافية متعددة الوجوه وفي مختلف وزارات الحكومة وحتى داخل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.. فالمدرسة الخالية من مكتبة وقاعة لممارسة الأنشطة الثقافية وخالية من إذاعة مدرسية ...إلخ تكاد تكون فاقدة لأهم مايحتاجه الطالب خارج هامش الدرس المدرسي،والنادي الذي لايحصل على الدعم المادي والمعنوي لتفعيل الحراك الثقافي يكاد يكون بعيداً جداً عن أداء رسالته للمجتمع الشباب.. ومكتب الثقافة الذي يخلو من أي أنشطة وفعاليات ودورات داخلية وخارجية تصب في خدمة المجتمع إيجاباً هو في حقيقية مبنى بلا معنى..والسلطة المحلية التي لاتعير الجانب الثقافي أي اهتمام أو دعم أو رعاية أو اعتمادات مالية خاصة بتفعيل دور مكاتب الثقافة فيها في أداء رسالتها تنموياً وخدمياً في المجتمع هي سلطة تفتقر إلى أبسط معاني الوعي بحقيقة أهمية التنمية الثقافية لأي مجتمع من المجتمعات وللأثر الإيجابي لهذه التنمية حاضراً ومستقبلاً.. إننا بقدر ما نثمن الدور الكبير الذي تلعبه هذه الأيام وزارة الثقافة في الاهتمام بالتنمية الثقافية من خلال إسهامها الجاد في اعتماد مراكز تنمية ثقافية متعددة في عموم مديريات الجمهورية أو معظمها وإسهامها في تفعيل ذلك عبر البرامج الاستثمارية لتلك المديريات إلا أننا كنا نتمنى أن يتم ذلك عبر تنسيق مسبق مع السلطات المحلية لأن مثل تلك المشاريع التي سعدنا وفرحنا بها كثيراً في المديريات.. أقول: لأنه سرعان ما تذهب أفراحنا تلك أدراج الرياح بسبب اصطدام هذه الأماني بواقع آخر لدى السلطات المحلية يقف بالمرصاد عائقاً في وجه تنفيذ إنشاء هذا المركز أو ذاك لأسباب عديدة من وجهه نظر السلطات المحلية أهمها كما سمعنا بعضاً منها على لسان بعض مسئولي السلطة المحلية أهمها:عدم وجود تغطية مالية لديها لتنفيذ مثل تلك المشاريع رغم أنها من ضمن برنامجها الاستثماري ومخصصها مرصود لديها في المالية الخاصة بها ناهيك عن الأعذار التي تأخذ الطابع القانوني حسب مايرد على ألسنة البعض منهم خاصة إذا كان موعد التنفيذ في الربع الأخير من السنة لأن قانون المناقصات كما يدعون يمنع ذلك في هذه الفترة الأخيرة من العام ويترك للجهات المختصة في السلطات المحلية حق التصرف بميزانية مثل هذه المشاريع المتأخرة وصرفها في جوانب أخرى لا علاقة لها بالثقافة لا خدمياً ولاتنموياً.. إننا في المديريات النائية كم تغمرنا الفرحة بقدوم مثل هذه المشاريع إلينا وبالقدر نفسه كم تصدمنا عراقيل السلطات المحلية المسئولة عن التمويل والدعم والرعاية والاهتمام.. فأهلاً بمراكز التنمية الثقافية في بلادنا وعساها سلطاتنا المحلية أن تأخذ هذا الجانب في الاعتبار وتزيل عن طريقه كل المعوقات حتى لايستوطننا الإحباط أكثر مماهو عليه في نفوسنا.. وليكن الربع الأخير من هذا العام والعام الذي سيأتي هو عام الثقافة والتنمية الثقافية.. فهل ننتظر خيراً في هذا الخصوص؟ إن شاء الله تعالى.