التنمية في السنوات الماضية كانت تقتصر على تنفيذ المشاريع الإنتاجية والخدمية ولم تهتم كثيراً ببرامج التوعية الثقافية والسكانية التي تركز على تنمية وعي الإنسان باعتباره غاية التنمية ووسيلتها ويتحمل مسئولية المشاركة في مواجهة التحديات على مستوى الوحدة اليمنية الإدارية وعلى المستوى الوطني، ولهذا فقد كانت نتيجة تجاهل جانب التوعية في برامج التنمية السابقة ضعف اهتمام السكان بسياسة الدولة وتوجيهاتها، بل أدى ذلك إلى أضعاف الثقة بين الدولة والمواطن، وهذا الضعف يشارك فيه موظف الدولة، لأن الموظف كما يعلم الجميع هو الذي يمثل الدولة فإذا كان سلوكه سيء في وسط المجتمع الذي يعمل فيه فأنه يعكس نفسه سلبياً على الدولة وهيبتها والعكس إذا كان سلوكه جيداً فأنه يفرض هيبة الدولة وقوتها وبالتالي إحترام المواطن للدولة ولسياستها الإقتصادية والإجتماعية. أن مؤشرات الأداء الإداري والمؤشرات الإقتصادية والإجتماعية لحالة اليمن تبين أن المجتمع اليمني بحاجة ماسة إلى برامج التوعية الثقافية والسكانية وخاصة في ظل عصر الدولة والإنفتاح الإقتصادي والإجتماعي والثقافي وذلك بهدف تعريف أفراد المجتمع بالمخاطر والتحديات التي تواجه البلاد على المستوى المحلي والخارجي وتحصينهم من أية اختراقات تهدف إلى زعزعة الأمن والإستقرار وتهدد وحدة المجتمع اليمني، فالدولة ومن خلال موسساتها التي تغطي جميع محافظات ومديريات الجمهورية ويعمل فيها أكثر من خمسمائة ألف موظف قادرون على القيام بمهمة التوعية دون أن يكلف الدولة أي أعباء أضافية وإنما الأمر يتطلب إلى قرار سياسي ملزم لجميع أجهزة الدولة في السلطتين المركزية والمحلية ومن خلال الوزارات وفروعها في المحافظات والمديريات وبحسب إختصاص ومهام كل جهة بالنزول الميداني على مستوى المديريات والعزل والقرى وعقد اللقاءات والإجتماعات مع المواطنيين ومناقشة أوضاعهم وربطها بأوضاع البلاد بشكل عام وأوضاع المحافظة بشكل خاص وإشعارهم بأهمية دورهم في بناء المجتمع وتنفيذ المشاريع والحفاظ عليها وصيانتها، لأننا ومن خلال الواقع وجدنا الكثير من المشاريع التي نفذتها الدولة في المجالات الخدمية والإنتاجية لا تحظى باهتمام المستفيدين من حيث التشغيل والصيانة بل يعتقد معظمهم أن هذا من إختصاص الدولة وليس من إختصاصهم وهذا الإعتقاد الخاطئ يبين الخلل في أداء الوظيفة العامة للدولة والتي تجاهلت توعية المواطنين وإشراكهم في عملية التنمية والحفاظ على برامج التنمية الإقتصادية والإجتماعية وعلى أمن واستقرار المجتمع. أن المفهوم الحديث لدور الوظيفة العامة للدولة أصبح يعتمد على العلم والمعرفة الثقافية في إدارة الدولة للمجتمع والنهوض به من خلال التواصل المباشر مع المستفيدين وإشراكهم في جميع الأنشطة والفعاليات وتحديد دور كل واحد منهم، وبمعنى آخر خلق علاقة عمل وشراكة بين المجتمع والدولة وتفعيل قناة التواصل بينهما لتعميق العلاقة مع أفراد المجتمع وتعريفهم بكل القضايا التي تهم المواطن والدولة وتحقق الأمن والاستقرار وهذا التفاعل لا شك سيشكل حلقة مترابطة لتنفيذ سياسة الدولة وتبادل المعلومات من القمة إلى القاعدة والعكس من القاعدة إلى القمة وبهذه الآلية تستطيع الدولة أن تعمل على حماية الشباب والمجتمع من الدعايات المغرضة التي كثيراً ما تستغل غياب دور الدولة التوعوي في أوساط المجتمع وتعمل على إثارة الفتن والصراع داخل أبناء المجتمع الواحد وقد أظهرت معظم الدراسات أن ضعف الإدارة في الأجهزة الحكومية يرجع إلى ضعف من يتحمل مسئولية هذه الإدارة والذي مازال يتعامل بالعقلية التقليدية لموظف الامام في تسيير المعاملات المالية والإدارية وحل بعض الخلافات وإهمال جانب توعية أفراد المجتمع وحشد طاقتهم للمساهمة في بناء المجتمع وحمايته من الأيادي التي تعبث بمصالح الأمة. ومن المسلم به أن عملية تفعيل أجهزة الدولة لا يأتي من نفسه بل يحتاج إلى من يفعل هذه الأجهزة وفقاً لتوجيهات وخطة الدولة أي أنه لابد من إصدار التوجيهات الملزمة بإعتماد برامج التوعية الثقافية والسكانية ضمن برامج وخطط الجهات الحكومية والقطاعين العام والمختلط والخاص ومنظمات المجتمع المدني والتي تركز على توعية المجتمع وإشراكه في جميع الفعاليات والبرامج التي تقوم بتنفيذها الدولة ومنظمات المجتمع المدني. إن برامج التوعية الثقافية والسكانية لا تقل أهمية عن برامج التنمية المادية والتي تلعب دوراً كبيراً في توجيه المجتمع وحمايته من مظاهر الإنحراف وخلق وعي إجتماعي مبني على التعاون والشراكة بين أفراد المجتمع وإشعارهم بمسؤلياتهمم تجاه الدولة والمجتمع وتحويلهم من موقف المتفرج واللامبالاة إلى موقف الشراكة والتفاعل والمسؤولية تجاه التحديات التي تواجه الوطن والعمل على انجاح برامج التنمية واستدامتها وتحقيق أهداف التنمية الإقتصادية والإجتماعية التي ينشدها المجتمع والدولة وإن دعم وتفعيل دور المكاتب التنفيذية في أجهزة السلطة المحلية على مستوى المحافظات والمديريات و التي ما زالت تعاني من ضعف شديد في مستوى الأداء الإداري والمالي والثقافي سبب افتقارها لمقومات النشاط والتي من أهمها الكوادر المؤهلة والإمكانيات المادية اللازمة لنجاح عمل السلطة المحلية وخاصة في المرحلة الجدية من مراحل التطبيق نظام السلطة المحلية على مستوى الوحدات الإدارية يعتبر من الأولويات التي يجب التركيز عليها في الخطط المستقبلية لأنها تمثل خط الدولة الأول الذي يتعامل مع السكان ولا بد أن يعرف الجميع وخاصة جيل الشباب أن الوظيفة العامة للدولة ليست مغنماً لتحقيق المصالح الذاتية أو الجلوس على الكراسي وإنما هي تكاليف للفرد للقيام بواجبه الوطني تجاه المجتمع الذي يعمل فيه، وعليه أن يكون بمستوى المسئولية في تعامله مع الناس وأن يعمل من أجل خدمة المجتمع والسعي بالنهوض به ورفع مستوى معيشته وأن يمثل الدولة أمام المواطنين ويعمل على تلمس مشاكلهم وهمومهم وعكسها أمام سلطات الدولة المحلية والمركزية وأن يشعرهم بأنه جزء منهم وليس بعيداً عنهم أو متسلطاً عليهم والإقتراب والتعايش معهم وإدماجهم في هم المجتمع والدولة. مدير عام مكتب التخطيط والتعاون الدولي محافظة المحويت