الوقوف أمام قضايا الوطن الاستراتيجية يتطلب دراسة الجغرافيا السياسية والسياسة الجغرافية (الجيويوليتك) باعتباره الأساس اللازم لقيام الدولة اليمنية المعاصرة، بل أستطيع القول بأن التركيز على الجوانب العلمية والموضوعية يفتح الطريق أمام الفكر الاستراتيجي اليمني لإعادة بناء الدولة ويوفر القدرة المعلوماتية المتعلقة ببناء قوتها، واليمن ليست حديثة عهد على الإطلاق لأن تجاربها في الحياة الحضارية مليئة بالمعلومات البنيوية والمؤسساتية الاستراتيجية منذ قبل ثلاثة آلا سنة من قبل ميلاد المسيح (عليه السلام). إن البعد العلمي في اختيار شكل الدولة اليمنية المعاصرة يمكن الفكر الاستراتيجي لبناء الدولة من القدرة على البحث بعمق في التطورات التاريخية للدولة اليمنية بهدف البناء المادي والمعرفي لزيادة قوة الدولة من أجل الحفاظ على مكانتها وبقائها بين أقطاب الحركة الديناميكية الباحثة عن عظمة الدولة وقوة فعلها في المجال الكوني الذي يصنع التأثير الايجابي لخدمة زيادة قدراتها وامكاناتها الاستراتيجية، على اعتبار أن شكل الدولة يمكن الباحثين والدارسين والمفكرين الاستراتيجيين من دراسة وتحليل المقومات الجغرافية وتأثيرها على السياسة الخارجية، الأمر الذي يمكن صناع القرار من القدرة الفائقة على اتخاذ القرار الذي يحقق المصلحة العليا للأمن القومي للدولة، ولذلك كله وغيره من الهموم الاستراتيجية ينبغي عدم التهاون أو التساهل في قضية تحديد شكل الدولة. إن اختيار شكل الدولة ينبغي أن يعزز الوحدة الوطنية ويصون الأمن القومي ويفتح الآفاق أمام الاعتزاز بالهوية الوطنية ويجسد البعد الاستراتيجي لإعادة بناء الدولة اليمنية المعاصرة، ولذلك ينبغي حشد الضمانات الدستورية القوية الضامنة وحدة الأرض والدولة والإنسان، وهي من الأمور الحيوية والاستراتيجية لتمتع الدولة بالسيادة المطلقة والقدرة الذاتية لحماية بقائها واستمرارها في ظل صراع المصالح الكونية التي يبحث الأقوياء فيها على المزيد من القوة لتحقيق أكبر قدر من المصالح، وفي إطار هذا الصراع الكوني على المصالح لامكان فيه للممزقين والمشتتين وأصحاب المشاريع الصغيرة. إن اختيار شكل الدولة ينبغي أن يعبر عن الطموح الشعبي الذي يرغب في بناء دولة قوية قادرة على الحفاظ على بقائها في غابة الصراع الكوني، ولذلك لايجوز أن يغيب البعد الاستراتيجي في اختيار شكل الدولة عن المتحاورين، وهنا ينبغي أن يتجرد المحاورون من الانتماءات الضيقة والولاءات الضعيفة وينبغي أن تذوب الانتماءات الصغيرة في الانتماء الأكبر وهو اليمن الكبير وأن تنصهر الولاءات الضعيفة في الولاء الكلي للوطن اليمني الكبير من أجل أن ترسم مكاننا في الكون بقوة الإرادة بإذن الله.