(1) ..جاءت لفظة الحوار من الحَوْر أي التردد إما بالذات، وإما بالفكر، وقوله عز وجل: {إنه ظن أن لن يحور} [الانشقاق/14]، أي: لن يبعث، وحار الماء في الغدير: تردد فيه، وحار في أمره: تحير، ومنه: المحور للعود الذي تجري عليه البكرة لتردده، والقوم في حَوَار(بفتح الحاء والواو) أي: في تردد إلى نقصان، ومنها وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر) أي: من التردد في الأمر بعد المضي فيه، أو من نقصان وتردد في الحال بعد الزيادة فيها، والمحاورة والحوار: المرادة في الكلام، ومنه التحاور، قال الله تعالى: {والله يسمع تحاوركما} [المجادلة/1]، فهل لنا في الحوار؟ (2) ..نريد محاورة لا مناورة وتفاوض لا مساومة ، وأطراف متعددة خير من طرف وحيد لا يسمع إلا صدى صوته في أرض خالية إلا من أطماعه ورغباته ،واليد الواحدة لا تصفق لكن الأيدي الكثيرة تتعاون على البر والتقوى إذا أخلصت النية ، والأفكار التي تأتي في حالة عصف ذهني تكون خصبة ولا تستثني أي رأي مهما كان غريباً، المهم أن تتفق الأنفس على أن يعيشوا ويتعايشوا في بلد يتسع للجميع… }وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{ ]الانفال:46[ واذكروا أيها المتحاورون أن الله يسمع تحاوركم من فوق سبع سماوات فهل أنتم مدركون ذلك؟ (3) .. دروس التاريخ يجب أن نستحضرها جميعا فلا نريد حواراً على طريقة ( مؤتمر حرض1965م) الذي تشابه ظروف انعقاده ظروفنا اليوم فلقد جاء ذاك المؤتمر إثر اتفاقية جدة أغسطس 1965م وجمع كل الأطراف اليمنية المعنية فكان في حرض في 23 نوفمبر 1965م لكنه فشل في اليوم الثاني بسبب اختلاف الآراء والتفاسير المتباينة لاتفاقية جدة ، فلا نريد أن نقول ما أشبه الليلة بالبارحة ؟! (4) ..لا حوار بلا حرية ولا حرية بلا ديمقراطية ولا ديمقراطية بلا وعي يفهم معنى هذه الديمقراطية، لأنها سلاح ذو حدين فهي في يدي الواعي أداة بناء وفي يد الجاهل أداة تدمير ، فلا نستغل الديمقراطية في صناعة الفوضى باسمها .. (5) ..الفرق بين الحوار والخوار نقطة ؟! لكن الأول بين بني آدم الأحرار، والثاني بين الأثوار والأبقار ! الأول لحل نزاع وإيقاف الصدام، والثاني لا نزاع ولا صدام.. الأول يفضي إلى سيادة رأي الاتفاق بين كل الأطراف على ما يرضونه لأنفسهم، والثاني يفضي إلى ضجيج لا طائل منه.. الأول تتشابك الأفكار على الطاولة لتصنع تشكيلة من أفكار عاقلة لأمرها، والثاني تتشابك الأصوات في الفضاء لتصنع ضوضاء تتبدد بعد حين.. الأول ينصرف بعده العقلاء إلى حياتهم لبناء مستقبلهم آمنين، والثاني يعود القطيع إلى الحظيرة في انتظار الطعام والحلب! فماذا تختارون ؟ رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=462885180417229&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater