تنطلق نهضة جامعات العالم المحترمة في كل أنحاء العالم من مراكزها البحثية ، ففي هذه المراكز تعد الأبحاث العلمية في المجالين الإنساني والطبيعي، ومن هذه المراكز تخرج المخترعات ، وفي معاملها تطبق التجارب العلمية، وعن طريقها تنفذ الجامعة وظيفتها في خدمة المجتمع.. أما في جامعة صنعاء؛ فإن هناك (28) مركزا تقريبا لم نشهد لها دورا يذكر في خدمة الجامعة أو المجتمع مع أن بعضا من هذه المراكز محل اهتمام خارجي وتحظى بمنح خارجية حتى وهي خاملة كمركز النوع الاجتماعي... وعلى الرغم من كثرة المراكز المحسوبة على جامعة صنعاء إلا أن إنشاءها لم يتجاوز الظاهرة الإعلامية التي رافقت الإعلان عنها، أما حقيقة ما تفعله هذه المراكز فإن أكثر من ثلثيها يُعد كذبة تنموية كبرى مارستها الإدارة السابقة بهدف الظهور سياسيا، وإعلاميا، والجميع يعلم علم اليقين أنه لا يوجد أي أثر لهذه المراكز في تطوير الجامعة والمجتمع، وأن دورها لا يزال مقصورا على تحقيق مصالح شخصية لبعض مديريها ومن يتعاون معهم في تشريع ممارساتهم داخل إدارة الجامعة.. إن مراكز البحث في جامعة صنعاء كانت وستبقى إما متعثرة أو مجيرة مواردها لصالح أشخاص ، ولن تؤتي ثمارها التنموية لأسباب عديدة منها؛ أن معظم هذه المراكز -ولا سيما المراكز غير المدعومة من الخارج- لا تحظى باهتمام إدارة الجامعة، ولا تخصص لها الميزانيات التي تمكنها من تشغيل طاقمها لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها ، ومعظم هذه المراكز سلمت إداراتها لأناس غير متخصصين ، وبعض منها لا يمتلك حتى مكاناً لتواجد أعضاء إدارته ، وبعضها تُعد مراكز وهمية أنشئت لاستيعاب بعض الموظفين على سبيل المجاملة أو التخلص منهم، كما أن بعض هذه المراكز تعمل بعيدا عن الإشراف الفعلي لإدارة الجامعة- ولا سيما المراكز المدعومة بمنح خارجية- فهذه المراكز صارت معروفة بأسماء مديريها عند منتسبي الجامعة ، وكأنها مراكز خاصة خارج الجامعة ، ولذلك تجد هذه المراكز غريبة عن الجامعة، ليست لها علاقة بالجامعة إلا التسمية في اللوحات المعلقة عليها، وفي أوراق مراسلات الداعمين، أما ما يتم داخل هذه المراكز فلا أحد يعلمه غير الله ومديري هذه المراكز والداعمين ، وثمرات الدعم لا يظهر أثرها إلا من خلال كثرة السفريات لمديريها وشلتهم حتى بدون علم إدارة الجامعة.. والعجيب أن بعض هذه المراكز قد أثيرت حولها قضايا فساد على مستوى الجامعة ثم على مستوى وزارة التعليم العالي وكأن شيئا لم يكن، ومن هذه المراكز مركز النوع الاجتماعي؛ فقد شكلت لجنة من قبل وزارة التعليم العالي للتحقيق في قضايا فساد حدثت فيه في عهد طميم، ووصل تقرير اللجنة إلى رئيس الجامعة السابق(باسردة) ولكنه لم يفعل شيئا لتصحيح وضع المركز، وبعد ضغط شديد من قبل منتسبي المركز المطالبين بالتحقيق اكتفى بإدخال توقيعه عند صرف أي شيك يزيد عن ألف دولار من الدعم المقدم، وأما صرف أي مبلغ أقل من ذلك فلا يُعد في نظره فسادا ماليا، وأما نتائج التحقيق فقد اختفت في درج مكتبه، و رفض أن يُظهر التقرير لنعرف ماذا يحدث ؟ ومن هم الفاسدون في مركز النوع الاجتماعي؟!! وكيف تصرف موارده ؟ وما إنجازاته على أرض الواقع؟ وما حقيقة برنامج الماجستير في هذا المركز؟ ولماذا تمت الإقالات التعسفية من قبل الرئيس الأسبق ( طميم) لأعضاء المركز الذين طالبوا بوقف الفساد في المركز؟! للأسف موقف رئيس الجامعة السابق وممارساته غير المنطقية حيال وضع مركز النوع الاجتماعي بالذات خيب ظن منتسبي المركز الذين طالبوا بفتح ملف المركز من قبل أن يتولى الإدارة، وكان من المتحمسين لتصحيح وضع المركز قبل أن يتسلم إدارة الجامعة ووعد بأنه سيصحح وضع المركز وسيعيده إلى مساره الذي أنشئ من أجله ، لكن ما إن جلس على كرسي رئاسة الجامعة إلا وصمت صمت العاجزين عن تصحيح الوضع، مما تسبب في بقاء الفاسدين داخل المركز وفي إضفاء الشرعية على ممارساتهم، وفي سرقة مستحقات الأعضاء المقالين لعامين كاملين، وفي استبعاد الكفاءات النوعية من المشاركة في أنشطة المركز، وفي اقتصار المشاركة على عدد من الأشخاص لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، ممن تجمعهم المصالح المادية فقط، وبسبب غياب إدارة الجامعة عما يحدث داخل المركز، صار هؤلاء الأشخاص هم الذين يتواصلون بالداعمين بلا رقابة، وهم الذين يستلمون الدعم بلا إشراف، وهم الذين يقومون بجميع الأنشطة المرسومة من قبل الداعمين كيفما كان نوعها وحدهم؛ فكل شخص منهم يفهم في كل شيء حتى وإن كانت دراسته الأكاديمية بعيدة عن النوع الاجتماعي، فهو خبير في التنمية الدولية وفي النوع الاجتماعي وفي السياسة الدولية والاقتصاد الدولي والإعلام والصحة وفي نظم المعلومات وفي نظم المكتبات النوعية وفي البحوث والدراسات وفي الاستشارات، وأينما يجدون بنداً للصرفيات في ميزانية الدعم يقدمون بعضهم لاستلام مخصصات النشاط والقيام به، فهم قديرون على كل شيء ،وعندهم المال الكافي لاستجلاب من يتفنن في بناء التقارير المالية والأدائية التي تبرر ممارساتهم وتظهرهم روادا للتنمية المستدامة في الجمهورية اليمنية أمام الداعمين، ويكفي أن يعلم القارئ الكريم أن مركز النوع الاجتماعي هو المركز الوحيد في الجامعات اليمنية وربما العالمية الذي يتولى فيه شخص واحد كل الوظائف المالية فهو المدير المالي والمحاسب ومخلي العهد ومدير المشتريات وكاتب التقارير المالية وتقارير الأداء وربما نجد قريبا تقارير ترشحه هو والأشخاص الذين يسيطرون على المركز بذاتهم لمعالجة مشكلتي التمييز والفقر في الجمهورية اليمنية كاملة بريفها وحضرها.. طبعا الداعمون واثقون أن الأمور تجري على ما يرام مادامت رئاسة الجامعة صامتة على ما يحدث، فهي –من وجهة نظرهم- أدرى بمركزها، وأعلم باحتياجاتها وأكثر معرفة بكوادرها، وما يهمهم في المقام الأول أن يبقوا على علاقة بمركز النوع الاجتماعي والتنمية داخل جامعة صنعاء، ومستعدون لتقديم المزيد من الدعم لتوثيق علاقتهم بالمركز بغظ النظر عن المستفيد من الدعم... وللأسف كانت إدارة الجامعة غائبة تماما عن دورها الحقيقي في حماية الأهداف التي أنشئ من أجلها المركز، فقد أنشئ لتحقيق عدالة النوع الاجتماعي ، وأصبح رمزا للشخصنة والشللية والمخالفات القانونية.. وعليه نطالب إدارة الجامعة الحالية بإعادة فتح ملف مركز النوع الاجتماعي لتصحيح وضعه والتحقيق في المخالفات التي تمت فيه ورد الاعتبار للمقالين تعسفا عنه، ما لم فسنرفع قضية لتغيير اسم المركز لأن بقاء الاسم بالوضع الحالي يُعد وصمة في تاريخ جامعة صنعاء.. * أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بكلية التربية –جامعة صنعاء [email protected]