تابعت باهتمام بالغ القضايا التي تضمنها المؤتمر الصحفي الذي عقدة الأخ الدكتور عبد الكريم الارياني رئيس اللجنة الفنية للحوار الوطني .. وحتى لا أقول بأن كل شيء يتعلق بانطلاق صافرة البداية لهذا الحوار معلق إلى اجل غير مسمى ، فإن ثمة إشارات تدعو إلى التفاؤل يأتي في طليعتها الحديث عن قرب موعد إطلاق الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية لمصفوفة التطمينات المتمثلة فيما عرف تسميتها بالنقاط العشرين التي قدمتها اللجنة الفنية للحوار والمرتبطة بترتيب وتهيئة الظروف والمناخات لانعقاد هذا الحوار ،خاصة تلك المعالجات المتعلقة بالقضية الجنوبية ، حيث أن من شأن إطلاق هذه المصفوفة التطمينية إعادة الأمل في إمكانية انطلاق الحوار الوطني الشامل بمشاركة فاعلة من كافة القوى السياسية على الساحة الوطنية وبالتالي العمل معاً من أجل المصالح العليا لليمن وتأمين الجبهة الداخلية بوضع منظومة مترابطة تؤكد على ثوابت وأسس بناء الدولة اليمنية الحديثة التي تكفل حق المواطنة المتساوية، فضلاً عن تحرير النظام السياسي من العوالق والشوائب التي شدته وأبقته بعيداً عن اللحاق بركب المتغيرات الهائلة التي ظللت سماء دول المنطقة ، بما في ذلك أكثر الدول تخلفاً في العالم . في تصوري المتواضع فإن التئام جلسات مؤتمر الحوار الوطني لا يمثل فقط مجرد البحث عن حلول جذرية لإشكاليات الدولة والمجتمع في اليمن المعاصر ، وإنما في ما يمكن أن يتركه من آثار مباشرة وغير مباشرة على أبناء الوطن للخروج من شرنقة الاستلاب إلى جدلية الحل أو اللاحل والتي تلقي بثقلها – ولاشك – على قدرات المجتمع في الخلاص من أسر تداعيات الماضي بكل سلبياته ووضع رؤية للمستقبل بكل طموحاته وتطلعاته . وحتى لا أبدو متشائماً فإنني أميل إلى الفكرة القائلة بقدرة اليمنيين على تغليب الحكمة والعقل في ابتداع الحلول لمشاكلهم ، اياً كانت هذه المشكلات ،خاصة وقد خبروا لعقود طويلة معاني ودلالات الاحتكام إلى خيارات العنف والاقتتال .. ولعل ما يساعد المرء على الانحياز إلى فضاءات التفاؤل – بالإضافة إلى استفادة القوى من دروس الماضي وتجنحاته السلبية – هذا الدعم الإقليمي والدولي اللا محدود لرعاية وإنجاز مسار التسوية السياسية .. وهو إجماع غير مسبوق لم يتحقق لأي من الأقطار التي عانت من انحباس الأفق السياسي للتسوية كالحالة السورية ، بل إن القول الذي يدعو إلى التفاؤل هو فيما سجلته التجربة اليمنية في المنحى الآمن للانتقال السلمي للسلطة والتهيئة لطرح مجمل مشكلات الدولة اليمنية أمام طاولة الحوار لكي تتمكن كافة الأطراف لمناقشتها والخروج بحلول ناجعة وآمنة للانعتاق من عنق الزجاجة الذي كاد يطبق على الرقاب منذ نشوء الأزمة مطلع العام المنصرم .
وأخيراً فإن ما يبعث على الأمل والتفاؤل – بالاضافة إلى كل ذلك – هذه القدرة والصلابة التي يتمتع بها الإنسان اليمني ، سواءً في استماتته وصموده لتغيير حالة الركون والركود التي سادت فترات متعاقبة من تاريخه المعاصر ،حيث خرج من الاحتراب الداخلي عقب ثورة سبتمبر 1962م بالحوار الوطني .. كما أن كل الحروب المتعاقبة التي عصفت بكل نظام شطري على حدة أعقبها الإحتكام إلى الحوار وكذلك الحال بالنسبة للحروب التي اندلعت بين الشطرين فإن جميعها تكللت بالحوارات التي أفضت إلى إعلان قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م .. وأتمنى والحال كذلك ألا تجرب الأطراف المعنية الاحتكام إلى وسائل العنف والبحث عن الحل والتسوية فيما بعد ، حيث إن الأفضل من إعادة إنتاج الاقتتال حقن الدماء والحفاظ على الإمكانات بالدخول إلى معترك الحوار طالما وإنه لا يضع حدوداً أو سقوفاً أو اشتراطات مسبقة وذلك ليس بكثير أو صعب على من وصفوا بالحكمة التي نأمل بأن تكون سيدة الموقف ونحن ندلف إلى هذا المعترك الحواري الذي سيساعدنا كذلك على اكتشاف مكامن الإيجاب في أنفسنا وقدراتنا .. وبأن نكون رقماً إيجابياً مؤثراً فيما يعتمل من حراك إيجابي على مستوى دول المنطقة والعالم .. ولكل ذلك فأنا وغيري كثر متفائلون رغم احتمالات الوقوع في الخطأ. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=465552916817122&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater