لا نستطيع أن نقول بأننا مازلنا سنة أولى ديمقراطية؛ ففي ذلك تجاهل متعمد لعقدين من التجربة اليمنية في المسار الديمقراطي، وإن تعثرت التجربة أو سعينا بشكل أو بآخر لاحتوائها قبلياً أو أسرياً أو مناطقياً... إلخ, مما أدى إلى انحرافها عن مسار التحديث وبناء المجتمع والدولة المدنية. ما يمكن أن نضعه في سياق الموضوع هو سنة أولى تغيير، وقد نجحنا بنسبة 70% حتى الآن من المقرر فعله والانتهاء منه, أما ما تبقى فقد يكون متعباً إلى حد ما؛ نظراً لارتباطه شكلاً ومضموناً مع كل ما سبق فعله, خاصة وقد تركزت في هذا الموضوع القبيلة والعسكر والمصالح والمكايدات وحب التملك والسيطرة والخوف من القادم المجهول, ولأن غالبية المرتبطين بما تبقى من مساقات التغيير ينتابهم الفزع من كل ما يمت إلى المجتمع المدني ودولة النظام والقانون بصلة؛ لكونهم قد خلقوا لغير تلك المسميات، فكل ميّسر لما خلق له. الرسائل المتوالية التي تصل إلى الشعب اليمني مثقلة بدماء الشهداء من الضباط والجنود والطيارين والمدربين من ذوي الكفاءات العالية، وحطام الطائرات التي كلفت الخزينة العامة مئات الملايين من الدولارات ليست خواطر عابرة إنما هي الحمق والرذيلة والصلف والطموح القاتل لصاحبه, ألا يكفي عبثاً واستهتاراً بأرواح ودماء وإمكانيات وحقوق اليمنيين؟. ثمة غرور واستكبار وجهل مازال يسيطر على وعي وتفكير وسلوكيات بعض أولئك الذين منحتهم الأقدار فرصة التغيير والتحول, لكنهم أثبتوا أن الممانعة والتبلد في قراءة التاريخ والأحداث وقدرة الأعاصير على قلب التوازنات وتحريك الراكد غير ناضجة أو واعية, الأمر الذي عزز من سلوكيات المناطحة والاستقواء انتصاراً للشر الكامن في النفوس والحقد المسيطر على كل قول أو فعل. التغيير إعصار كاسح يدمر كل من يحاول التصدي له أو الوقوف في طريقه, ومهما حاول البعض إيقاف حركة التغيير أو الانحراف بها باتجاه اللاوعي بقصد الإجهاز أو الإجهاض أو الإعاقة فإنه لا محالة واهم، وسيصطدم بالشعب اليمني والعالم كله, فخير للجميع سواء أولئك الذين قُدر عليهم أن يكتفوا بما صنعوا في تلك المرحلة ويبتعدوا حتى لا تضاف إليهم كل المنكرات والمآسي, أو هؤلاء الذين يتكالبون على السلطة، وأراهم يعيدون المشهد نفسه، وإن تغيرت الوجوه والبراويز والديكورات. إن التغيير بحاجة إلى مطبخ نظيف وأدوات وأيادٍ أكثر نظافة، وإلا تحول الأمر إلى ما يشبه حالة التلوث التي قد تنتج ما يضاد التغيير نفسه، ويبقى الأمر على ما هو عليه إن لم يكن أكثر فساداً وتخللاً وضياعاً مما سبقه من مراحل وأشخاص وتكتلات. إن ثورة الربيع اليمني اختارت التغيير طريقاً للإصلاح ودفع البلطجي بالوطني وليس العكس؛ حتى تستقيم الحياة ويثمر التغيير صلاحاً في المؤسسات ونظافة في الضمير وسلامة في التوجه والمعالجات, وحتى لا يتحول الربيع إلى شتاء متجمد لا يساعد على النمو والتحول، وإنما يؤول إلى الركود والتحلل ليس إلا. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=468277709877976&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater