إن التفكير في بناء الدولة القوية لايأتي من أصحاب المصالح الخاصة أو الضيقة أو من الذين تقودهم العاطفة وتسيرهم أهواء الآخرين وتؤثر عليهم نوازع الضعف والاستكانة وإنما يأتي التفكير السليم من الذين يمتلكون رؤية وطنية استراتيجية بعيدة المدى تخدم الأجيال المتعاقبة وتحقق القوة والتماسك في بناء الدولة، لأن الدولة تنطلق من البعد الاستراتيجي الحيوي المتجدد الذي يمدها بالفكر المستنير الذي يعزز بناءها ويقوي تماسكها ويصون سيادتها، فكلما امتلكت الدولة قوة الفكر كلما زادت قوتها وتطورت حركتها وتفاعلت مكوناتها، ولا تضعف الدولة إلا بضعف الفكر وتراجع الطموح وخذلان البناء وإهمال العقول المستنيرة والعودة إلى ضيق الأفق والميل إلى الأهواء والمنافع الذاتية الضيقة. إن الاهتمام ببناء الإنسان وتطوير قدراته واحتضان إبداعاته البداية الحقيقية لامتلاك القوة، لأن الإنسان المستنير هو مصدر القوة وأداتها الفاعلة التي تحول كل المقومات الأخرى اللازمة لبناء القوة إلى عناصر فاعلة، لأن العقل المستنير يفتح الآفاق ويزيل العوائق ويجدد الأبعاد ويوحد عوامل القوة الطبيعية والبشرية ويخلق منها شيئاً جديداً يخدم بناء الدولة ويعزز مكانتها ويلغي عوامل الضعف وينهي نوازع الخوف ويخلق الطموح القادر على استعمال عوامل القوة المتواجدة لمضاعفة قوة الدولة وتجديد قدراتها، الأمر الذي يجعل من قوة الدولة حيوية ومتجددة باستمرار. إن الخمول الفكري والتخاذل والتواكل وضعف الحركة والإهمال والميل إلى الرضا المخذول والجنوح إلى الأهواء المريضة ذات الآفاق المحدودة جداً والقبول بالنزر اليسير في بناء الدولة أو القبول باللادولة دليل على ضعف الحركة المجتمعية وخمول الفكر وضمور العقل وقصر النظر ومن يتمتعون بتلك الصفات ويقبلون بالضعف والاستكانة لايمكن أن يبنوا دولة قوية أو يحققوا سعادة المواطن، ويصبح مثل هؤلاء عبئاً على الوطن والمواطن وعامل إحباط الدولة، ولذلك ينبغي التفكير بعمق عند الحديث عن بناء الدستور؛ لأنه البداية لاستكمال بناء الدولة اليمنية الحديثة القادرة والمقتدرة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك