الإدارة هي عنصر أساسي لقيادة أية مؤسسة ، ولها مقومات علمية وفنية وخبرات متواصلة لابد أن تؤخذ في الاعتبار إلى جانب الاهتمام بمعيار السلوكيات الشخصية والاجتماعية في عملية التقييم لكافة شاغلي المناصب الإدارية .. يلي ذلك النظم والوسائل ، ويحيط بكل تلك المقومات دور العمل الرقابي الذي يشكل بالغ الأهمية .. وفي عصر العولمة وتحدياتها هناك حاجة ماسة لإدارة تنموية لها قدرة فاعلة من حيث الأداء الوظيفي والكفاءة على المنافسة والاندماج الوطني بحيث يتجلى ذلك في دورها الإيجابي لتعزيز القدرات الوطنية .. والتعاطي مع مشروعات الخطط التنموية لتحقيق تطور اقتصادي ملموس يتوفر من خلاله المناخ المناسب لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية .. حيث يمكن أن تسهم في دفع عجلة التنمية على مختلف المسارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية .. ولاشك أن عملية تطوير إدارة مؤسسات الدولة ترتبط بتطورها وبتطور المجتمع ، والضرورة تستدعي تجاوز العجز الإداري وضعف الهياكل الإدارية والمؤسساتية .. والفقر في الكوادر الإدارية والفنية ذات القدرة والكفاءة التي عادة ما تكون سبباً في تعثر العديد من مشروعات التنمية وفي نفور الاستثمارات بالرغم من وجود مقومات الاستثمار الأساسية .. وتتمثل في الموقع الجغرافي المتميز ، ووجود الثروات الاستراتيجية .. يضاف إلى ذلك أن هناك بعض المشكلات المزمنة أهمها إخضاع النظم الإدارية والإجراءات للمركزية .. وعدم تقييم معظم المشروعات بعد تنفيذها ، وتداخل المسئوليات بين المسئولين وبين الإدارات وتنازع الاختصاصات .. وذلك يؤدي إلى تعقيد الإجراءات وتأخير تنفيذ المشروعات .. وكذلك عدم وضع المعايير المنطقية لتقييم الأداء والرقابة وتلك إحدى الأسباب الجوهرية للتسيب والفساد ، الأمر الذي أدى إلى إهمال العمل بالقانون ، وكل تلك العوامل السلبية تشكل عائقاً كبيراً للتنمية .. أما معوقات التنمية التي توارثتها أجهزة الدولة من المراحل الماضية فهي عديدة ، بداية بعدم تطوير الإدارة وتنميتها والاهتمام فقط بتحديث البنى التحتية .. في الوقت الذي كان يجب التركيز على عملية التحديث والتخلي عن الأساليب العقيمة في شؤون الإدارة بحيث يتم التوجه نحو الإدارة التنموية .. وبناء على ذلك تحدد أهدافها وآليات العمل وأسلوب الأداء الوظيفي في هذا الإطار بصورة جلية .. ثم إن أسس الإدارة تتمثل في التخطيط للأعمال والتنظيم والتوجيه وكذلك الرقابة وفقاً لما يفرضه الواقع في سبيل جودة الإنجاز ، وتحقيقاً للأهداف المرسومة بشكل مؤسسي مبني على توزيع المهام والمسؤولية المشتركة بين كافة الأطراف المعنية .. فالتخطيط يتضمن تحديد الأهداف وإعداد الخطط استناداً إلى دراسة كافة النشاطات والاستعدادات المستقبلية .. يلي ذلك توفير الموارد الأساسية بنوعيها المالية والبشرية على أن توضع ضمن خطة لها برنامج زمني لمراحلها التنفيذية .. والتنظيم يتمثل في تحديد النشاطات والموارد المالية والوسائل البشرية والتجهيزات الأخرى في سبيل تحقيق الأهداف بتكاليف محدودة عبر آليات مناسبة .. ومن المقومات المهمة أيضاً للإدارة الناجحة الرقابة .. وتعتبر من أهم أجهزة الإدارة ومهمة جهاز الرقابة مراقبة وتقييم الأداء الوظيفي ، ومتابعة تنفيذ الخطط والبرامج ، والعمل على الحد من الانحرافات .. وتحديد أوجه التقييم في حينه حتى يمكن حيال ذلك اتخاذ المناسب من الإجراءات والقرارات .. وهنا لابد أن نتساءل ماذا عن الأوضاع الإدارية السائدة في المرافق والمصالح الحكومية ..؟ والحقيقة أن الإدارة حالياً ما تزال تلتزم الأساليب البالية بأوضاعها وهياكلها ورتابة أدائها ، وعدم دقة ووضوح أهدافها غير الجلية .. وذلك دون شك نتاج لما خلفته المرحلة الماضية التي خضع خلالها التكوين الإداري لإدارة السياسة في اليمن الميمون .. وقد ظلت الثقافة الإدارية الموروثة سائدة اجتراراً لتلك المرحلة التي تكونت خلالها عقلية تهتم في الشأن الإداري بالشكل لا بالمضمون .. إضافة إلى أن مؤسسات ومصالح القطاع العام ما زالت تتحمل أعباء كبيرة جراء اضطرارها إلى استيعاب العمالة غير المؤهلة التي تعد بالآلاف لأسباب اجتماعية واقتصادية.. الأمر الآخر أن الدولة ربما تتجه بالفعل إلى إجراء عملية الإصلاح الإداري بكل جدية .. غير أنها ستواجه عقبات جمة أهمها الثقافة الموروثة ومستلزمات التنظيم الصائب وما يجب أن يتمتع به الأفراد من كفاءة وقدرة ومعرفة .. تلك العقبات ستعرقل عملية الإصلاح التي تستهدف التنظيم والحرص على تلبية الاحتياجات الفعلية للعمل لا الاحتياجات الفردية حيث لابد أن يتكيف الأفراد مع التنظيم الإداري وأهدافه .. وبالتالي فالإدارة على هذا النحو لن تكون قادرة على مواجهة تحديات العصر ، ولكي تتغير تلك الحالة يفترض أن يتم توصيف وتحليل الأوضاع ، وتحديد السياسات الإدارية التي يمكن من خلالها إيجاد الإدارة التنموية بصورة فعلية .. وذلك عبر مؤسسات البحوث الإدارية ، ومن خلال استراتيجية تحدد ضمنها أهداف التطوير الإداري والأمر يتطلب تضافر الجهود بين مؤسسات الدولة والجامعات والقطاع الخاص وكافة الجهات المعنية الحكومية والأهلية .. ويجب أن يعلم الجميع بأن الإمكانات المادية ليست العامل الوحيد للنجاح بل إن المسألة إدارة ومسؤولية .. وتلك هي القضية . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك