ما يخطط لتعز في الفترة الراهنة من تاريخنا المعاصر, سيخرج تعز من دائرة المدنية, والهوية الثقافية, والرسالة الحضارية المبنية على العلم والمرسومة بالفكر والقلم, فالذي يجري يقوم على فكر لم تخالطه تعز ولم تتشكل به من قبل من جانب, ويقوم على البندقية, ويرتسم على الواقع بزراعة الألم, واجتراح الواقع وإحداث شروخ, وجروح ونتوءات وأطروحات لم تشهدها تعز من قبل, ولم يكن في حسبان مسارها الثقافي والسياسي أن تحدث وتصبح موضوعات على الشارع وفي مجالس الطبخ السياسي والمذهبي من جانب آخر, إن على الذين يخططون لهذا الانتقال الذي يأملون تحققه أن يدركوا إن كانوا لا يدركون أن الاستقرار الذي يعتقدون أن يحدث تحت رؤاهم بالضياع نقول لهم إنهم يقعون تحت طائلة وهم عميق, فالذي سيجري أن الاستقرار لن يشهده أحد, وهذه هي الكارثة, وعليهم أن يراجعوا خططهم سواء كانوا يقيمون دعوتهم على فكر ديني أو على أطروحات سياسية مناطقية, أو في اتجاه التقوقع وراء مزاعم عرقية وسلالية, إن الفرقة وزراعتها لا يمكن أن تنتج نعيماً مقيماً, أو تثمر واقعاً سهلاً وديعاً يمكن اغتنامه, إن ما سيحدث هو العكس وبصورة لا يمكن قبولها والنجاة من شرورها. من هنا نقول للذين ولجوا هذا الطريق, وساروا فيه, وهم يلبسون العمة, أو ربطة العنق, أو يحتمون بالفكر الديني, أو الفكر الديمقراطي بلباس الغرب, وتجربة أمريكا والدول الرأسمالية, والليبرالية, أو بتجربة إيران أودول الخليج, إن عليهم أن يتوقفوا ويراجعوا ما قطعوه على طريق دعواتهم وما بذلوه على هذا الطريق من أنشطة توعوية وتمويلية, وحجم التأثير الذي بدأ يتشكل ومؤشرات هذا التأثير, والنتائج التي بدأت تظهر وتبرز على الواقع, وما صاحبها ونتج عنها من دماء وتضحيات في هذه المحافظة والوطن بكامله, ودرجة مسئوليتهم عليها.. هذا التقييم ليس مطلوباً للنشر واطلاع الرأي العام, بقدر ما هو مطلوب لذواتهم وحساب أنفسهم والتعرف على مواقعهم في التاريخ وفي عمق الذاكرة الجماهيرية, وذاكرة المحافظة والوطن.. ومن ثم الوقوف على تلك المكانة التي سيستوون عليها في هذا السياق الذي لا يميز ولا يرحم. أعتقد يقيناً أن لو أجرى كل من له يد في إحداث تحول سلبي في مسار تعز ومسيرتها المدنية مراجعة موضوعية لأفعاله بعمق المؤمن بحرمة الدم والفرقة والفتنة والاحتراب اللفظي والمسلح, لأعلن لنفسه أولاً أنه قد أخطأ وأن على نفسه الأمارة بالسوء أن تتوقف عن أفعاله سواء كانت فرداً أو جماعة أو تنظيماً سياسياً بأي لون أو راية, ثم لابد وأن يخرج إلى العامة وكل الجماهير ويقول لهم إن عليه أن يحدث تغيراً في مساره, ويعود إلى تحريم الدم والابتعاد عن زراعة الفرقة, وإيقاظ الفتنة, والدعوة إلى الانتقام, لأنها ستعود عليهم أولاً قبل غيرهم بالويل والثبور وعظائم الأمور التي لن يتمكنوا من احتوائها, إن على كل أبناء تعز وقواها الحية التي ما تزال إلى هذه اللحظة في الخندق المدني, والخندق الحريص على السلم الاجتماعي, والخندق الداعي إلى إحداث تحولات نوعية تعود على المحافظة أولاً, واليمن ثانياً بكل الخير, وبالاستقرار الكامل والناجز, والتنمية المتوازنة والمستدامة، أن يخرجوا عن صمتهم, وأن يرفعوا أصواتهم قوية في وجه كل من يعمل لإقلاق تعز وإخراجها عن مدنيتها. وعلى المسئولين عن هذه المحافظة كل في مستواه ودرجته أن يخرس الألسنة التي تتحلق حوله وتبث سموم الفرقة والدس والوشاية والتشكيك, وبذرة حالة الترقب والافتراق بين المسئول والناس, وأن يمتلك المسئول بغض النظر عن درجته الوظيفية الجرأة وسياسة المواجهة لمصلحة تعز, وأن لا يبني قراراته على أساس الوشاية ومجالس القات, “والعزومات” وأن يعتمد على العزائم والإرادات والمعلومات الدقيقة والمصارحة أولاً والمصالحة على قاعدة المصلحة العامة أولاً وثانياً, فتعز فوق كل الهامات وليس هناك من هو أكبر منها, بل الجميع يكبرون بها, وإذا صغرت بفعل فاعل فإن الجميع يصغرون ويستصغرون من غيرهم, ومن أنفسهم... فهل نتوقع من الذين يبحثون عن الضوء أن يبتعدوا عن مصدر الضوء وأن لا يكونوا فراشات تحترق فيه وبه, وعليهم أن يشكلوا من جهودهم الإيجابية المستمرة نقطة ضوء تتسع وتحرق من يسعى إلى إطفائها, وتنير الطريق لمن يبحث عن المستقبل الآمن والمستقر والمزدهر لهذه المحافظة وكل الوطن, “إنا لمنتظرون, وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون” والله من وراء القصد. رابط المقال على الفيس بوك