عرضنا في المقالات السابقة أهم المخالفات التي أثبتها تقرير التعليم العالي حول المخالفات التي يتم ارتكابها في مركز النوع الاجتماعي، وبقي أن نشير إلى بعض المعلومات التي لم تتحقق اللجنة من صدقها وبعض التناقضات التي وقعت فيها اللجنة في تقريرها وهي كما يلي: هناك عدد من الأسئلة التي طرحت في شكوى أعضاء المركز المرفوعة لوزارة التعليم العالي حول الفساد في المركز.. وللأسف لم تحقق اللجنة في بعضها ولم تتأكد من مصداقية الإجابة عن بعضها، ولم تثبت على رأي حول بعضها،ومن أهم الأسئلة المطروحة ما يلي: هل يجوز أن يتم شراء أجهزة بعشرات الآلاف من الدولارات بدون تقديم عروض سعر ولا ضمانات؟ قدم الشاكون وثائق في هذا الجانب تكفي لكتابة مجلدات حوله لكن للأسف أشارت اللجنة إلى هذا الموضوع إشارة عامة ، ولم يتعرض التقرير إلى ما تم تبديده من أموال البرنامجين (المكتبة والدراسات العليا)؛ ولا أورد التقرير أسماء المتورطين في هذا الفساد؛ حيث أشار التقرير إلى هذا الموضوع إشارة عابرة دون فحص التفاصيل وما ترتب على هذه المخالفات من هدر لأموال المركز؛ فقد ورد في التقرير عن (برنامج المكتبة) العبارة التالية: ص 13 “ تتمحور أهم الملاحظات حول عدم سلامة إجراءات شراء أصول المكتبة ، ووجود زيادات غير مبررة في الأسعار بخلاف عمليات التعاقد مع الموردين “ وورد عن (برنامج الدراسات العليا ) العبارة التالية: ص 10” عدم التزام المخولين ببرنامج الدراسات العليا بالمركز بإجراءات الشراء وفقا لشروط المناقصة والأمر المباشر وعروض الأسعار والمنافسة وإجراءات الفحص والاستلام ولم تحقق اللجنة في هذا الموضوع على الرغم من وجود وثائق لديها تثبت أنه تم شراء كل تجهيزات مكتبة المركز وبرنامج الدراسات العليا بطرق مخالفة للقانون، فقد تم الشراء بدون مناقصات وبلا رقابة من قبل إدارة الجامعة ، بل تم شراؤها من محلات محددة وبصفة شخصية دون تطبيق إجراءات الشراء المطلوبة بما في ذلك؛ بوابة المكتبة الإلكترونية ونظام التوثيق وأجهزة الكمبيوتر والطابعات وغير ذلك من مستلزمات التجهيزات التي تم شراؤها من الأموال المخصصة لدعم برنامج المكتبة وبرنامج الدراسات العليا.. ولم يشر التقرير إلى المبالغ التي أنفقت في هذا المجال ولا ذكر المتورطين في هذه العمليات ، فماذا يعني هذا؟!! هل في اللجنة من يهمه حماية الفاسدين؟ إننا نطالب بفتح هذا الملف وكشف الفساد الذي تم فيه، ومحاسبة المتورطين فيه؟ أين ال35 ألف دولار المخصصة لشراء الكتب النوعية للمكتبة ؟ هذا السؤال تمت الإجابة عنه في التقرير بعيدا عن الحقيقة؛ فقد نص التقرير على أن المبلغ أعيد للمانحين وأنهم هم من تولى شراء الكتب، وهذا غير صحيح فقد كنا بصدد ترتيب الأمور لشراء الكتب وحدثت الازمة فتوقف الأمر، واختفى المبلغ من حساب المكتبة، ولو كانت الإجابة صحيحة فكان المفترض أن تقوم اللجنة بإثبات ما يدل على إعادة المبلغ للمانحين ، وعدد الكتب النوعية التي تم شراؤها، والوثائق التي تثبت أنه تم الشراء فعلا، لكن هذا لم يحدث واكتفت اللجنة بإجابة شفهية من الإدارة التي هي مسئولة عن ارتكاب المخالفة في هذا الموضوع، ولذلك نطالب بجرد الكتب النوعية الجديدة التي تم شراؤها من هذا المبلغ، ومقارنتها بما تم صرفه على شرائها إن كانت هناك كتب جديدة نوعية في المكتبة غير التي تم شراؤها قبل الأزمة اليمنية... ونطالب بإثبات أن المبلغ أعيد للمانحين فعلا. لماذا تم صرف مخصصات شراء الكتب النوعية في أمور ليست لها علاقة بالكتب؟ تبين من خلال التحقيق أنه تم صرف خمسة آلاف دولار من مخصصات الكتب عهدة للمديرة ، وأنه حدث خلاف بينها وبين المدير المالي (- الذي تمت إقالته) بسبب عدم موافقته على إخلاء عهدتها لأنها صرفت المال في أمور غير شراء الكتب، وهذه مخالفة قانونية لا يريد أن يشارك فيها كما يدعي -حسب التقرير-، وللأسف حملت اللجنة المدير المذكور المسئولية أنه خالف توجيهات المديرة الجديدة ولم يوافق على إخلاء عهدتها بينما كان الأجدر باللجنة أن توثق الأسباب التي دفعته إلى رفض إخلاء العهدة، والأمور التي تم صرف المبلغ عليها، ومدى صلتها بأمور المركز ..وهذا تحيز واضح من اللجنة ضد هذا الشخص مع أنه تصرف بما يمليه عليه واجبه القانوني. لماذا يتم استغلال العمل الحكومي في الترويج للمشاريع الخاصة؟ لم يتم التحقيق في هذا الموضوع على الرغم من وجود وثائق تثبت هذه المخالفة، بل عمد التقرير إلى الإشادة بمن ارتكبت هذه المخالفة ، وحتى لم يشر إلى المبالغ التي استلمتها من البرنامج مع أنه ذكر بالرقم(100)$ الخاصة بالمديرة السابقة وأغفل ذكر(800$) تستلمها منسقة البرنامج شهريا منذ التفاوض على الدعم، ولا نعرف الأسباب وراء هذا التحيز الظاهر في التقرير، إلا إذا كانت القيم المهنية تبيح ذلك، فهذا تقليد جديد يشجع أصحاب المشاريع الخاصة أن يستثمروا وظائفهم الحكومية لتنمية مشاريعهم الخاصة في كل المؤسسات الحكومية.. هل يجوز أن تصرف أجور مواصلات لتغيير ختم المركز مثل قيمته عشر مرات؟ جاء في التقرير أن رئيس الجامعة الأسبق هو من غير الختم دون علم الإدارة السابقة، ولم يشر التقرير إلى مقدار تكلفة تغيير الختم التي تم صرفها من ميزانية البرنامج، والتي تجاوزت الحد المقبول، فقد تم صرف أجور مواصلات للمدير المالي الذي هو مدير المشتريات والمحاسب في نفس الوقت مبلغا يساوي قيمة الختم عشر مرات .. وكان على اللجنة أن تفتش في الأوراق المالية للختم لتعرف الحقيقة لكنها لم تفعل.!! أين ملفات جرد المشتريات الخاصة بالمركز؟ مركز النوع الاجتماعي ربما هو المركز الوحيد في الجامعات الحكومية الذي ممتلكاته في حكم المشاع ليس لها وثائق في إدارة الجامعة ولا حماية، فجميع ممتلكات المركز التي تم شراؤها من الدعم ليست مسجلة في إدارة الجامعة ، ولذلك لا تتم عمليات الجرد السنوي لها حسب النظام ، وهي معرضة للنهب لأن الرقابة عليها منعدمة، ولم يشر التقرير إلى هذه القضية وهي قضية مهمة لحماية ممتلكات المركز. من الذي سيعتمد شهادات الطلاب عند انتهاء البرنامج؟ هذا السؤال مهم علميا وإداريا وتنمويا !!..من الذي سيعتمد شهادات الطلبة الملتحقين في البرنامج إذا ما انتهت مدة التحاقهم بالبرنامج؟ هل يجوز أن تمنح شهادات علمية دون مرور نتائج الطلبة عبر المجالس العلمية في الجامعة المعنية بتدريسهم؟ وهل يجوز أن يقتصر منح شهادات الماجستير على توقيع رئيس الجامعة فقط ؟ !!نحن نعلم أن النظام يقتضي في كل جامعات العالم ومؤسساته في كل مكان أنه حينما يتقدم الشخص لعمل ما أو للدراسة يُطلب منه كشف بالمواد التي درسها معتمدا من الجهات المسئولة عن المراجعة والاعتماد.. فماذا سيتم بشأن طلبة برنامج المركز؟ ! هذا التوقع أطرحه حرصا على مستقبل الطلبة، ولحثهم على مطالبة إدارة البرنامج بتصحيح وضعهم حتى لا تصبح شهاداتهم مجرد شهادات فخرية يتم تعليقها على جدران غرفهم فقط. ومما يؤسف له حقيقة ما نجده من تناقض واضح يثير علامات استفهام كبيرة حول لجنة التحقيق وحول التزامهم بالموضوعية والشفافية في تقريرهم، حيث إن هناك تناقضا واضحا ارتكبته اللجنة في تقريرها؛ فقد أثبتت كل المخالفات السابقة التي تم استعراضها في أربعة مقالات منشورة، وأكدت في مقدمة التقرير ص (6) “أن الشكوى المقدمة من الإدارة السابقة جادة وتستحق البحث والتحقيق فيما جاء فيها وتأكيدهم على أهمية إعادة التحقيق مع كل من له صلة بالمخالفات التي تجري”..لكنا للأسف نجدهم يقعون في تناقض شديد يؤثر في مصداقية التحقيق ، ويجعلنا نطالب بإعادة فتح ملف المركز فقد جاء في ص 11” وهنا لا يوجد مبرر للتهم التي أثارتها الإدارة السابقة للمركز حول فساد الإدارة الجديدة للمركز و أنها تبدد أموال البرنامج وفي رأينا فإن ما قامت به الإدارة السابقة إنما هو للضغط على الإدارة لصرف مستحقات المديرة ونائبتها التي أقرها المانحون(100$) . أمر في غاية الغرابة؛ فيا للعجب !!!هل ال100 $ ستكون سببا في ارتكاب كل هذه المخالفات ؟! إذا كان هذا في نظر اللجنة هو السبب فلماذا أثبتوا في تقريرهم كل تلك المخالفات؟!!.. يبدو أن أفراد اللجنة لم يكونوا على وفاق أثناء التحقيق ولا عند كتابة التقرير، وأن في اللجنة من كان متحيزا للمخالفين، وفيها من كان موضوعيا، ولذلك تم رصد المخالفات وتم كذلك رصد التحيزات للأشخاص في التقرير دون إعادة النظر في محتوى التقرير ومدى انسجام فقراته مع بعضها... وكنت أتمنى لو أنهم كانوا مدركين أن الوضع تغير بفضل انتفاضة الشباب وأن التقارير لن تبقى حبيسة الأدراج بل لا بد أن تنشر مهما تكتم عليها أصحابها!. وفي ختام عرض معظم ما ورد في التقرير وتحليل محتواه (عبر خمسة مقالات) وبيان ما أثبت من مخالفات وما ورد فيه من تحيزات وما وقع فيه من تناقضات؛ فإنني أؤكد للقارئ الكريم أنني نشرت الموضوع للتاريخ وأملا في صحوة حقيقية ضد الفساد والفاسدين، وسنظل -نحن المعنيين بأمر المركز- نرفع أصواتنا عاليا إلى من يهمهم الأمر: ( افتحوا ملف مركز المرأة في جامعة صنعاء للتحقيق، فإن السكوت على ما يحدث علامة واضحة أن الجامعة ليست بخير وأن إدارتها لا تزال تعاني من التشويش ولم تبدأ التصحيح بعد .. فهل ستتنبه الإدارة إلى هذا الفساد؟!! فإن السكوت هو الذي يفتح شهية الفاسدين ويضاعف المشكلات) اللهم إني بلغت ..اللهم فاشهد... * أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بكلية التربية –جامعة صنعاء – [email protected] رابط المقال على الفيس بوك