الحديث عن الطب في بلادنا لا ينتهي ويكفي أن نختصر السطور في كلمتين : (إلى الوراء) .. معاناة المريض في هذه البلاد تبدأ منذ بداية الشكوك بأن هناك مرضاً يهدد الجسم وبما أننا شعب نصفه أطباء وبدون شهادة جامعية فمن الطبيعي أن يتلقف المريض ومن عدة أشخاص وصفات سحرية وشعبية وعُشبية بعد عجز أطباء الجامعات على تشخيص المرض بصورة صحيحة وهذا ما قد يزيد الطين بلة احياناً كما حدث لإحداهن والتي سأتناول جزءاً من قصتها هنا باختزال كصورة واضحة للطب في اليمن .. كان يكفي أن ينصحها أحدهم بأن تقصد الطبيب الفلاني فتذهب وتنتظر أياماً حتى يأتي إليها الدور للتشخيص ، ففاض صبرها و كان عليها أن تسكت فم موظف الحجز ب(حق القات) حتى تدخل سريعا ..تصل إلى الطبيب ، يلقي نظره على حلقها ويسمع نبضها ثم يقرر عملية استئصال كيس بالبلعوم. وهذا يشبه تماما ما حدث معي مع طبيب الأنف الذي بمجرد أن نظر إلى انفي المُتحسس حتى همس لوالدتي (افعلوا لها عملية..عندها لحمية !) والذي اتضح مؤخرا انه ليس الا مجرد تحسس بالجيوب الأنفية ، دون تشخيص مقنع ودون فحوصات يقرر الأطباء عمليات صعبة احيانا لمجرد الشك فقط ، أتساءل الآن إذا كان الطبيب يشك كثيرا في قدرته على اكتشاف المرض ويخمن التشخيصات فيا تصيب أو تخيب، فلم يمارس الطب إذن وهو أعلم بأن المريض يبحث عن الأمان والأمل لا عن التخبط والشكوك والإحباط .. المهم .. اجراء العملية من عدم اجرائها يظل الأمر مرهونا بثقة المريض بالطبيب المعالج وهذا ما يقل جدا في بلادنا ، ويجعل مغبة السفر إلى الخارج مكلفة جدا خصوصا لذوي الدخل المحدود ومع ذلك فكرتها حاضرة ولو اضطر المريض لرهن «بصيرة» البيت ... عجز الأطباء عن التشخيص الصحيح للمرض ويرافقه التوتر النفسي جراء الضغوطات على المريض تجعل المريض يفكر باللجوء إلى شيخ معالج بالرقية الشرعية وهذا ما ينصح به البعض المرضى بعد حلكة وقسوة الظروف ، وبين شيخ معالج بالقرآن وبين مشعوذ يتخذ الدجل طريقاً لكسب المال والخديعة التباس كبير يبلغ مداه حيثما ينتهي خيط التفكير ومع ذلك تجد الكثير يقصدونهم بعد انقطاع حبل الأمل من تحسن الطب في بلادنا ولو اليسير ، وإن كان البعض يرون وجه الشفاء من هذا الطريق فهذا لا ينذر إلا بتدهور الطب إلى الوراء .. أخطاء الطب كثيرة والمسئولية تُحمل على عاتق الأطباء غير الأكفاء أولا والمستشفيات ثانيا ووزارة الصحة ثالثا ووحده المريض من يدفع كلفة تدهور الطب غاليا فهو الوحيد الذي يعمل بنزاهة في المستشفيات وهو الذي يموت بخطأ!.. لا بد من معالجة سريعة لما يحدث في مستشفياتنا ، اما عن اطبائنا فلا نأمل إلا ان يستشعروا حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم منذ دخول المريض حجرة المعاينة والعمليات حتى مغادرتها جثة هامدة أو على عكاز ، ووحده الضمير اليقظ الرهان الوحيد لكسب التحدي الذي يضع الطب في المقدمة دائما دون تقهقر للوراء كما يحدث الآن . رابط المقال على الفيس بوك