إذا فكر الشخص أن يستحضر أمامه مشاكل وقضايا الوطن ، التي تهدد وحدته وأمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي، والتي أصبحت بحاجة ملحة إلى حلول سريعة، والمفترض أن يوجد لها الحوار الوطني حلولاً، أو أن يضع الخطوط العريضة لعلاجها ، فإنه سيجد نفسه أمام جبهة متشعبة ومتداخلة من المشاكل والقضايا في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،تجعله يعجز عن توصيفها وتوضيح أسبابها ،ولو حاول مراراً وتكراراً. الصعوبة هنا لاتكمن في أن تلك القضايا كثيرة ومتراكمة ومعقدة ،وأصبح من الصعب إيجاد حلول لها ، ولكن في أن المشاكل تجزأت وتفرعت إلى مشاكل فرعية أصغر ،وأصبحت القضايا الجزئية قضايا رئيسية، وفي نفس الوقت أضحت نتائج تلك القضايا مشاكل مستقلة بحد ذاتها، وأصبح الجميع يتعامل مع النتائج كقضايا يوليها اهتماماً ،وتاه الجميع في نقاشها وتفنيدها ، دون المشاكل الأساسية وهو ما يحول دون وصول المعالجات إليها ، وأصبح من الصعب إيجاد حلول ومعالجات للمشاكل الموجودة في ظل بقاء المشاكل الأساسية مستمرة ،والتي تنتج مشاكل باستمرار أو تتعمد الإكثار من القضايا الجزئية للحيلولة دون الوصول إليها وضمان استمراريتها، وتحولت إلى ما يشبه (فقاسة مشاكل). استمرار تفاقم المشاكل ، واختلاف ترتيب تلك القضايا لدينا بحسب أولوياتها، يعني استمرار حالة التوهان والضياع وهذا يتطلب منا التوقف في حالة فرز للمشاكل وتمييز النتائج عن الأسباب ، وسنجد أن ما كان البعض منا يوليه اهتماما قد يكون طرفاً في سلسلة من المشاكل المتصلة مع بعضها البعض، ولكننا قد لا نختلف في أنها مرتبة تصاعدياً وفي محور ارتكازها والارتباط بين حلقاتها تكمن المشكلة الأسياسية وهي التحور في توصيف دور الدولة وبقاؤها مسخرة لخدمة أمال الطبقة الحاكمة بلا ملامح ولا طموح .. ومن هنا يمكن أن نبدأ . [email protected]