(10) مِنْ سوء حظ اليمنيين ، أنه ، عند كل استحقاق « ثوري» أو « سياسي» يأتي من « يُعَطّله « إما ب « اتفاق سياسي» يفرضه الحاكم نفسُه ، أوب « آلية « حكم هي من « أَدَامَتْه » في السلطة ، وهي من تعمل على إفراغِ كل استحقاقٍ من مضمونة ومحتواه ، ولنا في الوحدة والديمقراطية واللامركزية «عِبَر» ، فاستحقاق الوحدة والديمقراطية أَفْرَغَه من محتواه ب «حرب صيف 1994 م، واستحقاق اللامركزية أفرغه من مضمونة بإصدار قوانين وقرارات ، قانون السلطة المحلية رقم (4) لعام 2000 م ، وقرارات تعيين مسئولي محافظات ووكلاء محافظات ومدراء مديريات ب « مخالفة» للنظام والقانون ، ومجالس محلية كل ما تعمله أنها تجتمع كل ثلاثة أشهر«أُنْموذجا ». « المشكلة » الآن ، هي أيْنَ نظامُ السلطة المحلية الحالي من مفهوم اللامركزية ، بأنواعه المختلفة : السياسية، الإدارية والمالية ؟! أين هو من مفهوم الإدارة المحلية بأنواعه المختلفة : التركيز الإداري ، عدم التركيز ؟ .. نظام سلطة محلية « يفتقرُ » إلى قدرات وكفاءات وصلاحيات واختصاصات ومصادر تمويل تُمَكِّنه من إحداث تطوير وتنمية محلية ، مع وجود وزارة أُوكِل لها إدارة وتنظيم شئون السلطات المحلية ، تفتقر هي الأخرى إلى هيكل تنظيمي ، ولائحة تنظيمية تتلاءَم وطبيعةَ المرحلة ، وتفتقر إلى سياسات وتوجهات تعكس دورَها المطلوب في تنمية وتطوير نظام السلطة المحلية . وزارة للإدارة المحلية ، ومنذ ما بعدَ ثورة سبتمبر 1962 م ، كلُّ «ما تعمله» هو تعيين (مدراء) قضوات ونواحي ومديريات ومدراء وموظفين في دواوين المحافظات والمديرات.. وظائف وتعيينات عَبَثَ بها الحاكم حينها ، حيث « رَكَنَ » في كل ديوان محافظة عديد من وكلاء ومدراء عموم ، ب « تجاوز للنظام والقانون » ، عدد منهم لا تربطه علاقة بالإدارة المحلية ولا باللامركزية .. وظائف وتعيينات اعتبرها الحاكم حينها « هدايا » يوزعها ل « متنفذين» و«مراكز قوى» وأفراد في أحيان كثيرة تجدهم غيرَ موظفين في الإدارة المحلية، أو أنهم غيرُ موظفين في الجهاز الإداري للدولة ،.. وظائف اعتاد توزيعها لأشخاص ، أكثروا من « مدحه » ، وزعها بتزكية « تقارير أمنية » ، أحترف و أبدع في إعدادها و إنجازها «مسئولو» بعض المحافظات و « شخصيات» اعتمد عليها في معلوماته وإصدار قراراته .. تعيينات بموجبها حُرم الجهاز الإداري للدولة من المؤهلين وأصحاب الكفاءات والقدرات في المركز والمحليات . في صحيفة الجمهورية ، العدد ( 15720 ) 3 يناير2013 م تحدث عبد الرقيب سيف ، نائب وزير الإدارة المحلية عن اختلالات في ديوان عام الوزارة وفي المحافظات والمديريات ، حيث قال : « المشكلة جاءت من عدم الاهتمام بالإدارة المحلية وأهمية دور الوزارة وغياب هيكل تنظيمي ينظم مهامها وذلك منذ أواخر عام 2007 م ، حيث تم إنشاء سبعة قطاعات دون مهام واضحة وتعيين عشرين وكيلاً ووكيلاً مساعداً في ليلة واحدة ، تم إنشاء (42) إدارة عامة دون دراسات هذه الإختلالات أدت إلى غيابِ دورِ الوزارة وجعلِها تدور في إطار المركز وانسحبت هذه على آلية التغيير على مستوى المديريات ، وقال نائب الوزير : « جوهر المشكلة الموروثة أن الوزارة كان ينظر إليها في الماضي على إنها للحشد والتحشيد وعندما يحتاج النظام أن يثبت لمعارضيه أن لديه جماهير يوفر للإدارة المحلية الأموال لهذا الغرض وكذلك أثناء الانتخابات تقوم الادارة المحلية في المديريات «بتحشيد» الناس وهذه السياسة قيدت دور الوزارة الحقيقي على مستوى المركز والمديريات حيث أصبحت بدون هيكل واضح وتسودها قلة الخبرة ولا تستفيد من أصحاب الكفاءة والقدرة» . وفي نفس السياق ، في العدد ( 15712 ) وتاريخ 26 ديسمبر 2012 م ، تحدث د. كمال البعداني ، وكيل وزارة الإدارة المحلية : « وزارة الإدارة المحلية كانت أشبه بوزارة أو إدارة لشئون القبائل حيث من يراد له ترضية أو توظيف يتم تحويله إلى وزارة الإدارة المحلية وفي مسح أجري لمدراء عموم المديريات أظهرت النتائج أن أكثر من (100) مدير عام مديرية كانوا في الأصل سائقين أو مرافقين لشخصية أو أحد المسئولين ثم عُين مثل هؤلاء مدراء عموم وهو شخص غير مقبول .. والدراسات تؤكد ذلك » . نائب الوزير ووكيل الوزارة ، تحدثا بشفافية وصدق ، حديث متمكن ، حديث مستوعب لإختلالات إدارية تعاني منها وزارة الادارة المحلية والمحافظات والمديريات ، سلوك حضاري أن يرتكز حديث مسئولي الوزارة والمؤسسات والمنظمات العامة على أبعاد تُقَرِّبُنا من مفهوم الحكم الرشيد ، حديث يوحي بتوجه جديد للوزارة .. النائب والوكيل ، تحدثا عن « حالة قائمة «عن «وضع راهن « في ديوان وزارة الادارة المحلية ودواوين المحافظات والمديريات ، تحدثا عن تحديات ومعوقات تواجه نظام السلطة المحلية الحالي ، وفي الحقيقة هي تحديات ومعوقات تواجه أي نظام محلي قادم ، التغلب عليها وبالتالي التهيئة والتحضير لنظام محلي تأتي به نتائج « مؤتمر الحوار الوطني « ، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في مهام ووظائف وبرامج وخطط الرئاسة وحكومة الوفاق وأي حكومة قادمة ومن « الآن ». وللأمر نفسه .. مجالس محلية ، ومكاتب تنفيذية .. هيئات « تقريرية»، هيئات رقابية وإشرافية ، لكن قانون السلطة المحلية في المادة (24) منه « أختصر » مهام ووظيفة المجلس المحلي ب « اجتماع دوري كل ثلاثة أشهر» ، وهيئة إدارية له تمارِس مهام ووظائف تنفيذية .. مكاتب تنفيذية ، «حكومات محلية مصغرة» أو أنه «يفترض» أن تكون كذلك ، ضمن هيكل تنظيمي ولائحة تنظيمية تفتقر إلى الموضوعية ، .. هيكل تنظيمي فيه ثُلْثُ إدارة عامة من « سُبْعِ» إدارة عامة « مركونة» في كل ديوان عام محافظة ، ومثله في كل ديوان مديرية .. ثُلْثُ إدارة عامة» أريد له أن يعمل ك « أمانة عامة» ل «مكتب تنفيذي» ل«حكومة محلية مصغرة» ، أوكل له إدارة وتنظيم مدخلاته ، عملياته ومخرجاته : التحضير والاستعداد لاجتماعاته ، تسجيل وتوثيق محاضر اجتماعاته ، توثيق وأرشفة مهامه ووظائفه ، متابعة تنفيذ قراراته وتوصياته ، تفعيل أجهزته التنفيذية ، استقبال تقارير وخطط ومراسلات أجهزة تنفيذية وهيئات إدارية لمجالس محلية ، فرز يومي لمراسلات والتأشير عليها قبل تقديمها إلى رئيس المكتب التنفيذي إلخ .. مهام ووظائف أوكلت لثلث إدارة عامة في ديوان عام المحافظة كبديل لأمانة عامة في حالة وجودها (الأمانة العامة)، فالهيكل التنظيمي يجب أن يتضمن من الدوائر المتخصصة الفاعلة : الإقتصاد والمالية ، السلع والخدمات ، الإدارة المحلية والأمن والقضاء ، الإعلام والثقافة والإرشاد إلخ .. دوائر متخصصة وأجهزة تنفيذية ضمن هيكل تنظيمي واحد ولائحة تنظيمية واحدة وفي إطار وحدة إدارية واحدة . خلاصة القول : تحديات ومعوقات تواجه نظام السلطة المحلية الحالي ، وتواجه أي نظام محلي قادم ، التغلب عليها ، والتهيئة والتحضير والاستعداد للجديد ، يمثل مهام مُلَحَّة وآنية مطلوب من الرئاسة وحكومة الوفاق أن تأخذها بعين الاعتبار ، إعداد وإنجاز مشروع أو ورقة عمل تتضمن رؤية الحكومة لنظام محلي جديد يأخذ بعين الاعتبار : تقسيم إداري جديد ضمن شروط ومعايير وأساليب تقسيم مُتَّفق عليها دولياً ، تقسيم مستوعِب لتحولات ومتغيرات محلية ودولية ولمفاهيم جديدة ، مشروع أو ورقة تقَدَّم إلى مؤتمر الحوار الوطني وبصفة مستعجلة أولاً، وعمل مصفوفة خطوات و إجراءات من شانها التهيئة والتحضير لنظام محلي قادم تأتي به نتائج الحوار الوطني ثانياً ، ثم تحليل الوضع الراهن لنظام السلطة المحلية وأن كان بشكل مختصر ثالثاً ، أخيراً اختيار وتعيين مدراء مديريات ضمن شروط ومعايير ومفاضلة توكل الى لجنة فنية تُشَكّل لهذا الغرض . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك