لقد ناقشت في المواضيع السابقة شكل النظام السياسي وكانت لنا وقفة موضوعية في دراسة دستور الجمهورية اليمنية وأشرنا إلى أهمية بناء الدستور الذي يحقق رغبة الإرادة الكلية للشعب كما كانت الصورة واضحة للمكونات البشرية للجمهورية اليمنية ناهيك عن المكونات الجغرافية للبلاد والأمر الذي يحتم على متخذي القرار أن يكون على علم كامل بالخصوصية الجغرافية والخصوصية البشرية للدولة ، وقد اوضحت الدراسات السياسية أن التعدد القبلي في اليمن ظاهرة صحية تمكن الحكومة من تحقيق الاستقرار عندما تكون قوية وقادرة على فرض سيادة الدستور على الكافة دون تمييز ، واشرنا أن العصبية القبلية غير الواعية التي تظهر بين الحين والآخر ينبغي فهمها على النحو التالي : 1 - انها عصبية غير واعية تثار من بعض الأفراد باستغلال العاطفة لتحقيق منافع فردية ولا تمثل القبيلة لأنها عمل فردي مرفوض من القبيلة جملة وتفصيلاً ، وقد وجدنا هذا الرفض في مواقف القبائل في الأحداث السياسية التي جرت خلال الفترة الماضية . 2 - إن ظهور العصبية القبلية غير الواعية لم يكن إلا في فترات ضعف الحكومة واتباع سياسة المراضاة وتجاوز الدستور الأمر الذي نجم عنه الاختلالات المثيرة لقلق المجتمع . اما فيما عدى ذلك فإن التعدد القبلي احد مكونات الدولة والمعيار الوحيد الذي يميز هذا التعدد القبلي الحضاري هو الالتزام المطلق بالدستور والقانون، والأكثر من ذلك كله أن الاعتراف والتقاليد القبلية التي اشرنا إليها في إطار الحديث عن مكارم الأخلاق تعد قوة من مكونات قوة الدولة لأنها تمنع قطع الطريق وتمنع الاعتداء على الأموال والأعراض والدماء وفيها من الأحكام المستنيرة ما يجعل المرء يقف أمامها باحترام ، وإذا حدث من قصور أو تراجع في التصرفات المشاهدة على أرض الواقع فهو ناتج عن السببين السابقين، بل استطيع القول بأن التعدد القبلي يرقى إلى درجة من الوعي والنضج السياسي أعلى بكثير عن التعدد السياسي والحزبي لأن بعض الأحزاب جعلت الحزبية غاية وليست وسيلة وهذا من العوامل الاشد خطراً في الانقلاب على مكارم الأخلاق . إن دراسة التقاليد والأعراف اليمنية تعطي دليلاً قاطعاً على مدى التزام القبيلة بالدستور والقانون وتأكيدها المطلق بهيبة وسلطان الدولة ، بل إن القبيلة وتقاليدها وأعرافها تجعل لرئيس الدولة المهابة والمكانة العليا في المجتمع لأنه يمثل السيادة الوطنية العليا لكل المكونات البشرية والجغرافية لليمن ولم يظهر الانهيار الاخلاقي في التعدي على موقع رئيس الجمهورية إلا في الفترة الأخيرة التي حاول البعض محاكاة الغير ولم ينطلق من اخلاقيات اليمنيين ولم يدرك مفهوم مكارم الأخلاق ولنا وقفة جديدة في هذا الاتجاه في العدد القادم بإذن الله . رابط المقال على الفيس بوك