لم تكن الإشارة إلى دور القبيلة السلبي تعني أن القبيلة ضد الدولة، ولم يشر التاريخ القديم ولا المعاصر إلى تعارض القبيلة مع الدولة على الإطلاق، بل إن القبيلة أحد مكونات الدولة القوية القادرة على فرض السيادة المطلقة على كامل التراب الوطني، ولأن المجتمع اليمني مجتمع قبلي، فإن الأدوار السلبية التي تمارس بشكل فردي ويدّعي الممارسون لها العصبية القبلية لا تظهر إلا في فترات ضعف الحكومة وعجزها عن فرض هيبة الدولة وتحقيق سيادة الدستور والقانون، ونظراً لذلك العجز الذي يظهر لدى بعض الحكومات يستغل بعض الأفراد الحمية والعصبية الجاهلية، ويدفع الناس إلى بعض الممارسات التي لا يقبل بها الشعب، ولا تمثل الصورة الحقيقية للقبيلة؛ لأن الأعراف والتقاليد القبلية ترفض الممارسات السلبية وتجرحها جملة وتفصيلاً. إن قوة الحكومة وقدرتها على فرض هيبة الدولة وسلطان الدستور والقانون على الكافة يزيل الظواهر السلبية ويمنع ظهورها بقوة الدستور والقانون، والذي توافق مع الأعراف والتقاليد الحميدة في القبيلة اليمنية، بالإضافة إلى قوة المؤسسة الرئاسية للدولة ممثلة في رئيس الجمهورية الذي يعد محط إجماع الناس وإقبالهم على اختياره بالإرادة الحرة والمطلقة؛ فهو رمز السيادة الوطنية العليا، له من الاحترام والتقدير ما ليس لغيره، ولذلك التأكيد على أهمية الحفاظ على هذه الرمزية واسعة الاحترام يحتاج إلى نصوص دستورية قوية تعزز هذه المكانة؛ باعتباره شوكة ميزان ليس على مستوى مؤسسات الدولة المختلفة بل على مستوى عموم المواطنين؛ لأن التقاليد التي أرساها اليمنيون في تاريخ حياتهم السياسية أهّلت لموقع رئيس الجمهورية وأعطته القبول والرضا والهيبة التي ينبغي الحفاظ عليها. إن المجتمع اليمني مجتمع قبلي حضاري إنساني عرف بإرسائه للتقاليد والأعراف الحميدة التي جعلت من الإنسان اليمني في أرقى صور الحضارة الإنسانية التي تمنعه من الممارسات غير السوية وألزمته الالتزام بسلطان الدولة وآداب التخاطب مع رمز السيادة الوطنية، وبالمقابل فإن شخص رئيس الجمهورية يتحمل أعباءً ومسؤوليات شديدة الخطورة، ولذلك ينبغي أن يكون عند هذا المستوى من حجم المسؤولية التي تحاكي كل المكونات البشرية للدولة اليمنية الحديثة، ونظراً لخطورة هذه المسؤولية في العدد القادم نتناولها بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك