القوى التقليدية في اليمن لم تظل على حال من الأحوال، بمعنى أنها أكثر قابلية لمساندة الدولة، إذا كانت الحكومات على قدر من القوة والحنكة السياسية التي تمكنها من حل معضلات المجتمع اليمني التي تبدو في أغلب الأحيان شديدة التعقيد، بل إن أساس تكوين المجتمع اليمني القبلي قائم على التعدد الذي خلق الإيمان بالديمقراطية، حيث يرى كثير من الباحثين المهتمين بدراسة القبيلة ودورها في إسناد الدولة أن النظام القبلي في اليمن قائم على الانتخاب وليس الموارثة، كما هو معروف في البناء العشائري في بقية مكونات الوطن العربي. إن الممارسة الديمقراطية التي عرفت في اليمن ليست وليدة اللحظة، ولكنها - كما أشرنا في المواضيع السابقة - أصيلة، بل إن المجتمع اليمني حضاري منذ فجر التاريخ القديم، ولذلك فإن الدور السلبي الذي يظهر للقوى التقليدية غير الواعية في المكونات الاجتماعية هو محاولة تلك القوى الحفاظ على مكانتها في المجتمع دون المساس بهالة القداسة التي يعتقد بعض عناصر القوى التقليدية أنها أزلية، ويحن إليها كلما وجد وهناً وضعفاً في الحكومات المتعاقبة، وهذا لا يمثل القبيلة في اليمن. إن عناصر القوى التقليدية التي لا تؤمن إلا بتميزها عن الغير هي السبب في إثارة العصبية الجاهلية واستخدامها بشكل يحقق مصالحها الخاصة، ولذلك لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تنسب تلك الممارسات غير السليمة إلى القبيلة مجتمعة على الإطلاق؛ لأن القبيلة في اليمن تمثل الوعي بأهمية بناء الدولة وسيادة الدستور والقانون على الكافة، ولا يثير العصبية غير الواعية إلا عناصر محددة ومشينة في القبيلة تعتقد بحق التميز وتستغل ضعف الحكومات لإثارة الممارسات غير السليمة، بوعي كامل من تلك العناصر التي يمكن أن نطلق عليها القوى التقليدية، ويواجه ذلك برفض مطلق من القبيلة، والدليل على ذلك المواقف الجماعية التي تعلنها القبائل من الممارسات غير السليمة والخارجة على الدستور والقانون، ولم نجد موقفاً واحداً مسانداً للظواهر السلبية، الأمر الذي يؤكد أن ممارسة الظواهر السلبية لا تقرها القبيلة مجتمعة على الإطلاق، وأن الذين يمارسونها أناس محددون خرجوا على الأعراف والتقاليد القبلية قبل خروجهم على الدستور والقانون. خلاصة القول: إن الظواهر السلبية أعمال فردية تغذى من عناصر في القوى التقليدية ذات النزعة بالادعاء بحق الأفضلية، ولا تعبر عن القبيلة، بل إن دراسة المواقف المعلنة من القبائل في المؤتمرات واللقاءات العامة في كثير منها تمثل الحداثة، وتحاصر التقليدية في أضيق الحدود، ولذلك فإن الحوار الوطني كفيل بكشف العناصر ذات النزعة العدائية للمجتمع والدولة اليمنية الواحدة، وستكون منبوذة من كل مكونات الدولة اليمنية الواحدة والموحدة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك